حكم الهدية رغبة في الثواب من المهدى إليه

0 243

السؤال

رجل يذهب لزيارة الناس ويأخذ معه هدية، ويكون ثمن الهدية: 20مثلا، فيكتب عليها: 40 مثلا دون أن يكتب وراء الأربعين أي شيء ريال أو غيره موهما أن ثمن الهدية هكذا، ويقول إنه لا يكذب لأنه لا يكتب بعد الرقم شيئا من أسماء العملات. فهل يعتبر هذا من الكذب أفيدونا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن هذا يعتبر غشا وليس من الكذب؛ لأن حقيقة الكذب الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو به، وهذا ساكت ولا ينسب لساكت قول، كما قال ابن حجر في شرح صحيح البخاري.

وفي كفاية الطالب الرباني شرح الرسالة ممزوجا بالنص: ولا تجوز الخلابة وهي الخديعة بالكذب في الثمن أو يرقم عليها أكثر مما اشتراها به, ولا يصرح بذلك. اهـ.

وقال العدوي في حاشيته على الشرح المذكور:  قوله (وهي الخديعة بالكذب في الثمن) أي كأن يقول له أنا أخذتها بعشرين دينارا وأنا أنقص لك من ذلك، أو لا يقول أنا أنقصها ووجه كونها خديعة إبهام أنها جيدة لكونها بثمن كثير قوله (أو يرقم عليها) بالنصب عطفا على قوله بالكذب على حد قوله تعالى: أو يرسل رسولا عطفا على قوله وحيا، وأنت خبير بأن هذا غش بخلاف الأول فهو كذب. اهـ. 

واعلم أن الأولى للمهدي أن ينفق ماله ابتغاء وجه الله لا يريد من أحد جزاء ولا شكورا ففي الحديث : وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها. متفق عليه .

وإن كان يهدي لغرس المودة بين الأقارب والأصدقاء فهو أمر مستحب. لقوله سبحانه:  ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل.{البقرة:177}.الآية. ولقوله صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. رواه أبو داود والبخاري في الأدب وحسنه ابن حجر. ولقوله عليه الصلاة والسلام: لا تحقرن جارة أن تهدي لجارتها ولو فرسن شاة. متفق عليه.

وأما أن يهدي لينال عوضا عند المهدى إليه فهذا جائز ولا ثواب فيه، فإن كان يهدي للناس تبرعا ولا يشترط العوض فيجوز ذلك وله أخذ ما أعطي له؛ لما أخرجه البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية، ويثيب عليها. ولا مانع أن ينوي في نفسه حصول العوض.

 قال الطبري في قول الله تعالى: وما آتيتم من ربا ليربوا:  قال ابن عباس: يريد هدية الرجل الشيء يرجو أن يثاب أفضل منه، فذلك الذي لا يربو عند الله ولا يؤجر صاحبه ولكن لا إثم عليه، وقال ابن عباس وابن جبير وطاووس ومجاهد: هذه الآية نزلت في هبة الثواب، قال ابن عطية: وما جرى مجراها مما يتصدق له الإنسان ليجازى عليه، فهو إن كان لا إثم عليه فلا أجر فيه ولا زيادة عند الله تعالى. اهـ.

 فان اشترط العوض كان هبة ثواب وهبة الثواب هي الهبة بقصد العوض.

جاء في تعريفها من شرح حدود ابن عرفة ما يلي: هبة الثواب.. عطية قصد بها عوض مالي.. وحكمها حكم البيع. اهـ.

وإذا كان حكمها حكم البيع فتصح ان كان العوض معلوما ولم يكن العوضان ربويين، يوضح ذلك ما قاله صاحب "دليل الطالب" الحنبلي قال: والهبة هي التبرع بالمال في حال الحياة، وشرط كونها من جائز التصرف، وكونها بغير عوض، فإن كانت بعوض معلوم فبيع، وبعوض مجهول فباطلة... ومن أهدى ليهدى له أكثر فلا بأس. اهـ.

وجاء في فتح العلي المالك لعليش المالكي: ما قولكم في رجل يواسي آخر في كفرح بحبوب أو مواش أو دراهم وذا يسمى في عرفنا نقوطا، فإذا حدث عند المواسي موجب يرد الآخر له مثل الذي واساه به أو أزيد أو أنقص، فهل يدخل ذلك الربا...؟ .. نعم يدخل ذلك ربا النساء والفضل إن اتحدا جنسا واختلفا قدرا وهما ربويان، وإنما يقضى فيها بالعروض التي فيها وفاء بقيمة الموهوب..

وسئل سيدي علي الأجهوري عما يفعله بعض الناس من أنهم يهادون بعضهم ويمتنع المهدى له من رد الإناء فارغا ويرسله بشيء وإن لم يفعل ذلك حصل في نفس المهدي شيء، فهل يجوز ذلك أم يمتنع ذلك؟ فأجاب: وينبغي له أن يتحفظ من هذه العادة المذمومة التي أحدثت... وكان سببا لترك المهاداة بينهما، ولسان العلم يمنع من ذلك كله لأنه يدخله بيع الطعام بالطعام غير يد بيد، ويدخله أيضا بيع الطعام بالطعام متفاضلا ويدخل الجهالة... فإن قيل ليس هذا من باب البياعات وإنما هو من الهدايا وقد سومح فيها، فالجواب: هو مسلم لو مشوا فيه على مقتضى الهدايا الشرعية لكنهم يفعلون ضد ذلك لطلبهم العوض، فإن الدافع يتشوف له والمدفوع إليه يحرص على المكافأة. اهـ.

والله أعلم. 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة