حكم التخاطر الذهني والتخاطب عن طريق الأرواح

0 1191

السؤال

ما صحة ما ورد في هذا الموضوع وخاصة قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ؟ وجزاكم الله خيرا .
كثير منا يتذكر شخصا ما فيتفاجأ باتصال منه، والبعض يتذكر شخصا آخر فيلتقي به.. وكم نسمع كلمة " لو ذكرنا مليون ليره" عندما يأتي شخص على سيرته كما يقال..
ما هو تفسير كل هذا ؟؟
هذا هو ما يعرف بتخاطب الأرواح فيما بينها أو التخاطر الذهني، وهو علم يدرس الآن و بالذات في منطقة الصين وبدأ ينتشر إلى أوروبا وأمريكا..
ومن أشهر الأحداث التاريخية التي حدثت في عالمنا الإسلامي عن هذا العلم هو عندما أرسل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه جيش إلى الشام بقيادة رجل اسمه سارية، وفجأة صرخ عمر (وهو في المدينة) يا سارية الجبل يا سارية الجبل يا سارية الجبل.. وبعدها سكت ولم يعلم الناس ما حدث..
وبعد عودة سارية والجيش الإسلامي ذكر لعمر أنه وقعوا في مشكلة مع جيش العدو فسمع صوت عمر وهو يرشده إلى جبل قريب منه. فكان ذاك الجبل هو الذي نجاهم بعد الله من الهزيمة.
ما هو التفسير العلمي لهذه الحادثة؟ عمر يصرخ في المدينة ويسمعه سارية في الشام؟
يقال إن الإنسان إذا كان شديد التعلق بأحد وشدة الحب والتفكير المركز فإن الأرواح تكون معقلة أيضا ببعضها وأنها تتنقل لتتخاطب مع بعضها البعض.
بل إنهم حتى أخذوا توأما من الأطفال الصينين كانا شديد التعلق ببعضهما، ووضعوا أحدهما في بلد وأخذوا الآخر إلى بلد آخر يبعد آلاف الأميال. وجدوا بعد فترة أنه إذا مرض أحد الأخوين يمرض الآخر و إذا غضب أحدهما يتعب الآخر و تتغير نفسيته. ومن هنا بدأو بدراسة هذا العلم.
إذا فمسألة تخاطب الأرواح مع بعضها البعض غير معترفة بحدود مكانية ولا زمنية، بل وبدأ علم جديد الآن مستقى من قوله تعالى: (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) الزمر 42.
ومن أذكار النوم "اللهم إني وضعت جنبي فإن أمسكت نفسي فاغفر لها وإن أرجعتها فأحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين.
من هذا الذكر استنتج عدد من العلماء أن الروح تخرج من الإنسان لحظة منامه ولذا يسمونها ميتة صغرى.. ولكننا وقفنا نحن المسلمين عند هذا الحد، بينما الغرب أكملوا دراستهم في الموضوع حتى اكتشفوا طريقة يمكن للإنسان فيها أن يتخاطب مع من يريد حول العالم عن طريق الروح..
وهو بطريقة استرخاء تامة وقبل أن يصل إلى درجة النوم، ويفكر في إنسان معين وبعدها تبدأ الرحلة.. وفي الحقيقة إنه علم شديد التعقيد والصعوبة ولم ينتهوا من نتائجه بعد (البرمجة اللغوية العصبية )..
لذا لا تستغرب عندما تتصل بأحد فيقول لك "سبحان الله الآن جئت على بالي"
أو عندما تتذكر شخص عزيز فيتصل بك.أو حتى - وهذا الأكثر غرابة - عندما تمر بموقف تقول لنفسك الموقف هذا مر علي من قبل.. كأنني أتذكر هذا الموقف.
أو تكون بحدث وكأنك قد عشته من قبل و تستطيع التكهن بما سيحدث الآن وتتوقعه وترى أنه بالفعل يحدث ما قد توقعته .قال تعالى: ((و يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا))

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما حدث مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصة سارية تفسيره معروف، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدثون وإنه إن كان في أمتي هذه منهم فإنه عمر بن الخطاب. متفق عليه.

قال المناوي في (فيض القدير): (محدث) أي ملهم أو صادق الظن، وهو من ألقى في نفسه شيء على وجه الإلهام والمكاشفة من الملأ الأعلى، أو من يجري الصواب على لسانه بلا قصد، أو تكلمه الملائكة بلا نبوة، أو من إذا رأى رأيا أو ظن ظنا أصاب كأنه حدث به وألقى في روعه من عالم الملكوت فيظهر على نحو ما وقع له. وهذه كرامة يكرم الله بها من شاء من صالح عباده وهذه منزلة جليلة من منازل الأولياء ...

 قال القرطبي: قوله "فإن يكن" دليل على قلة وقوعه وندرته، وعلى أنه ليس المراد بالمحدثين المصيبون فيما يظنون، لأنه كثير في العلماء، بل وفي العوام من يقوى حدسه فتصح إصابته فترتفع خصوصية الخبر وخصوصية عمر، ومعنى الخبر قد تحقق ووجد في عمر قطعا، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يجزم بالوقوع، وقد دل على وقوعه لعمر أشياء كثيرة كقصة الجبل: يا سارية الجبل. وغيره، وأصح ما يدل على ذلك شهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك حيث قال: إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه. اهـ.

فهذه القصة من باب المكاشفة والإلهام، كرامة من الله تعالى لعمر بن الخطاب، ومما يزيد الأمر وضوحا وأنه من الكرامات، أن الأمر لم يقتصر على مجرد معرفة عمر لحال سارية وجيشه، بل زاد الأمر إلى بلوغ صوت عمر لسارية وانتفاعه بذلك بانحيازه بالجيش إلى الجبل بالفعل، وقد سبق ذكر هذه القصة وبيان صحتها في الفتوى رقم: 20692. وراجع لتمام الفائدة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 68772، 64898، 106382.

ولكن هذه القصة لا علاقة لها بما يعرف الآن بتخاطب الأرواح، ولا الأبحاث الروحية المعاصرة بصفة عامة، وقد سبق لنا بيان بطلان وتهافت ما يعرف بالأبحاث الروحية والإسقاط النجمي والجسم الأثيري، في الفتوى رقم: 128992.

كما سبق أن بينا خطورة ما يعرف بالتنمية البشرية أو البرمجة العصبية في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 121281، 94724، 103455، 117782

 وأما ظاهرة: شوهد من قبل أو عاشه الإنسان من قبل فهي من الظواهر التي كثر الكلام حول تفسيرها وأكثر هذه التفسيرات محض ظنون، وإن كان بعضهم يحاول تفسيرها تفسيرا علميا، ولم نقف لأحد من أهل العلم الثقات على علة تفسير لهذه الظاهرة يستند إلى دليل شرعي، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 129383.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات