السؤال
أنا معلمة بالمرحلة الثانوية أحب طالبتين كثيرا وعلاقتي بهما أكثر من أخوة وصداقة، حصل خلاف بيني وبين إحداهما ليس كبيرا جدا، ثم قاطعتها وأصبحت علاقتي بها محدودة فقط بالفصل وأثناء الدرس إذا سألتني أرد عليها فقط وكنت أعاملهما أحسن معاملة لم تعاملهما معلمة مثلي، وأتت مرة مع زميلتها ومدت يديها بالسلام ومددت ولكني لم أبال بها ولم تأت تعتذر بعد الخلاف وكأنها لم تفعل شيئا.
وأنا من الداخل حزينة على انقطاع العلاقة لأني أحبها وبنفس الوقت أسأل نفسي لماذا لم تحترم العلاقة التي بيننا ولو كانت تحبني بالفعل لم تفعل هذا. فهل لا أسامحها إلا إذا اعتذرت حيث واضح جدا أنني تغيرت معها كثيرا عن ما قبل وأقول في نفسي كيف أرجع علاقتي كما كانت سابقا كلما تذكرت الموقف. وربما لا تأتي تعتذر أصلا، فأنا متورطة في اتخاذ القرار لا أدري ما هو الحل الصحيح أنا أريد أن ترجع علاقتنا وفي نفس الوقت أريد أن أحفظ كرامتي وماء وجهي، علما أنها آخر سنة لها بالمدرسة وحصل على الخلاف تقريبا 10 أيام. وهل ترفع أعمالي كل اثنين وخميس؟ وعلاقتي بالثانية مازالت مستمرة على أحسن ما يكون ولله الحمد.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا ننصحك بالعفو والصفح عن هذه الفتاة حتى وإن كان قد بدر منها إساءة إليك
, فإن الله سبحانه قد ندب عباده إلى العفو والصفح عن المسيء فقال: وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم. {النور: 22}. وقال سبحانه: فمن عفا وأصلح فأجره على الله. {الشورى:40}, وندب سبحانه إلى رد السيئة بالحسنة استصلاحا للمسيء واستئلافا لقلبه فقال سبحانه: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم. {فصلت: 34}.
ومما يؤكد أمر العفو والصفح في حقك أنك معلمة لها وحق على المعلم أن يرفق بطلابه وأن يحسن إليهم وأن يحتمل إساءتهم وسوء خلقهم.
قال النووي رحمه الله: وينبغي (للمعلم )أن يشفق على الطالب ويعتني بمصالحه كاعتنائه بمصالح ولده ومصالح نفسه ويجري المتعلم مجرى ولده في الشفقة عليه والصبر على جفائه وسوء أدبه ويعذره في قلة أدبه في بعض الأحيان فإن الإنسان معرض للنقائص لا سيما إن كان صغير السن. انتهى.
أما بخصوص اقتصارك في المعاملة على رد السلام وإجابة أسئلتها دون الانبساط في العلاقة فنرجو ألا يكون عليك من ذلك حرج فإن أهل العلم قد نصوا على أن الهجر ينتفي بمجرد إلقاء السلام ورده, وبعضهم خالف في ذلك فاشترط لزوال الهجر عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الخلاف.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قال أكثر العلماء تزول الهجرة بمجرد السلام ورده. وقال أحمد: لا يبرأ من الهجرة إلا بعوده إلى الحال التي كان عليها أولا، وقال أيضا: ترك الكلام إن كان يؤذيه لم تنقطع الهجرة بالسلام، وكذا قال ابن القاسم. انتهى.
وفي النهاية نوصيك بالتوسط في حب الأشخاص فإن الشرع قد أمر بالاقتصاد والتوسط في أمور الحب والبغض على السواء فقد روى أبو داود وغيره عن رسول الله قال: أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما. صححه الألباني.
وراجعي للفائدة الفتويين : 128614, 8424.
والله أعلم.