السؤال
أنا طالب مسلم أدرس العلوم الرياضية وغايتي: هي الوصول لأعلى المستويات ونيل أرقى الشهادات للدفاع عن الإسلام وتبليغه للملحدين والعلمانيين، وزملائي يقولون لي إنني لن أستطيع أن أغير حال أمتي في ظل العولمة وجور الحكام العرب، فماذا علي أن أفعل في مستقبلي؟.
أفتوني.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا. رواه البخاري ومسلم.
وهؤلاء الزملاء منفرون، وقولهم هذا ـ إن كانوا يشعرون بمحنة المسلمين ويهتمون لأمرهم ـ أدعى لبذل مزيد من الجهد لصد تلك الهجمات التي يراد بها تذويب المسلمين ومحو هويتهم وعقائدهم، وتبليغ عقائد الإسلام ومحو الصورة المشوهة التي ينشرها أهل الباطل عنه وعن أهله، ولا شك أنه توجد عقبات، ولكن ـ الله يعين ـ والمطلوب هو بذر البذرة وتعاهدها، فأما خروج الثمار فهذا أمره إلى الله.
وهذه الأمة أمة منصورة وعدها ربها بالنصر والتمكين ـ إن استقامت على دينه وصبرت أثناء ذلك، ومهما بذل الأعداء من كيد فلن يضرهم حينئذ، كما قال تعالى: إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط {آل عمران:120}.
ولتعلم ـ أيها السائل الكريم ـ أن الله عز وجل سيكافئك على نيتك هذه خيرا، فالعلوم الدنيوية مطلوبة إلى جانب العلوم الدينية وهي فرض كفائي، فإذا لم يوجد في المسلمين من يكفيهم أثموا جميعا، واعلم أن من يقوم بهذا الفرض الكفائي ثوابه عظيم، وعلم الأمور المباحة تتحول بحسن النية إلى قربة وطاعة يؤجر عليها المسلم، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 3249.
فاستعن بالله واجتهد في إيصال النفع للمسلمين عن طريق النبوغ في تخصصك والتقدم فيه، فالكبير في العلم يقبل منه ما لا يقبل من الصغار النكرات، ومع بذلك الجهد ـ أيضا ـ في تعلم ما يجب عليك شرعا من فروض الأعيان، وعليك بمصاحبة أصحاب التطلعات والهمم العالية والمجتهدين من أهل الخير، فهم أعون لك في طريقك، واقرأ قوله صلى الله عليه وسلم في الحث على العمل الذي ينفع المسلمين ولو لم ير فاعله ثمرته في حياته ما دام عمل خيرا، وهذا فيما روى أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليفعل. رواه الإمام أحمد، والضياء في المختارة، وصححه الألباني وغيره.
فما يحدث الآن من تآمرات على المسلمين ليس بأشد من قيام الساعة وهولها، ومع هذا أمرنا بالتفاؤل والعمل وعدم اليأس وبذل الجهد حتى ينتفع غيرنا بما نفعل، كما انتفعنا بعمل من قبلنا، ونسأل الله أن يوفقك ويعينك وراجع هذا التفصيل وزيادة فوائد في الفتاوى التالية أرقامها: 126409، 105463، 99696.
والله أعلم.