السؤال
أنا في عجلة من أمري وأرجو الرد وآسفة لأنني ربما أثقل عليكم ،
في الحقيقة أنا مصابة بوسواس في العقيدة ، حيث إنني كل شيء أحس أنه استهزاء ، كل شيء ، حيث إنني أصبحت دائمة العبوس ولا أبتسم أبدا خوفا من أن أسمع في أي وقت كلمة استهزاء بالدين وأكون مبتسمة حينها،
سأسرد عليكم بعض المواقف التي أمر بها وأرجو إفادتي إن كانت يشملها حكم الاستهزاء :
مثلا بعد انقضاء شهر رمضان ، تسألني صديقاتي إذا ما كنت صائمة ، ومن المعلوم أن صوم بعد رمضان هو القضاء ، أجيبها وأضحك ليس على شعيرة الصوم وإنما لأنه قضاء ونحن نضحك لأن أمر الحيض محرج بالنسبة لنا فنضحك منه ،
أيضا أحيانا تسألني أمي هل صليت ، فأجيب بالنفي وأبتسم ،
أو مثلا نكون عند أقاربنا فيذهبون للصلاة فأقول لهم أنا لا أصلي فيستغربون فأضحك لأنهم فهموا أنني لا أصلي في العادة ،أحيانا عندما يعمل تلميذ في قسمنا شيئا سيئا، مثلا لا ينجز مشروعا دراسيا ، وعندما يخبر الأستاذة تقول ما شاء الله وتضحك ونضحك كلنا فهــــل كل هذه المواقف يشملها الحكم ؟ لأنني والله أصبحت أشك في كل شيء؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأصلح الله بالك، ووقاك شر نفسك وشر الشيطان وشركه، فليس في ما ذكرته من المواقف ما يستغرب أو يستقبح، فضلا عن نسبته إلى الاستهزاء، وبعض ضحكك هذا يشبه ضحك أم سلمة رضي الله عنها، عندما قالت أم سليم: يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق فهل على المرأة الغسل إذا احتلمت ؟ قال: نعم، إذا رأت الماء. فضحكت أم سلمة وقالت: تحتلم المرأة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فبم يشبه الولد. متفق عليه.
وقد بوب عليه البخاري: (باب التبسم والضحك) قال ابن حجر: والغرض منه قوله " فضحكت أم سلمة " لوقوع ذلك بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليها ضحكها، وإنما أنكر عليها إنكارها احتلام المرأة اهـ.
فعليك أختنا الكريمة أن تطرحي هذه الوساوس ولا تجعلي للشيطان عليك سبيلا؛ فإن الوسوسة مرض شديد فلا تفتحي بابه على نفسك بالتعمق في ذلك.
ومن المعلوم أن كره العبد وخوفه ونفوره من هذه الخواطر والوساوس الشيطانية، علامة على صحة الاعتقاد وقوة الإيمان، فقد جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم.
قال النووي: معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه، ومن النطق به، فضلا عن اعتقاده، إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا وانتفت عنه الريبة والشكوك اهـ. وراجعي في ذلك الفتويين رقم: 7950، 12300.
وقد سبق أن ذكرنا أنواع الاستهزاء وحكم كل نوع، في الفتوى رقم: 2093.
والله أعلم.