السؤال
جاء في سورة النحل الآية رقم 66 قوله تعالى: وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين. وفي الآية رقم 69 قوله عز وجل: ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون.
فما السر في تذكير كلمة بطون مرة وتأنيثها في الثانية؟
أرشدوني إلى مصدر يبين لي هذه اللطائف.
حزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد قال أهل التفسير: إن ضمير التذكير راجع إلى معنى لفظ الجمع، وضمير التأنيث راجع إلى معنى الجماعة، فذكره في الآية أولى باعتبار أن لفظ الأنعام اسم جمع، وهو لفظ مفرد، فعاد عليه ضمير المفرد المذكر، وأنثه في الثانية باعتبار لفظ الجماعة، فالنحل اسم جنس يذكر ويؤنث على قاعدة أسماء الأجناس.
قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: وإفراد ضمير الأنعام في قوله تعالى: مما في بطونه مراعاة لكون اللفظ مفردا لأن اسم الجمع لفظ مفرد، إذ ليس من صيغ الجموع، فقد يراعى اللفظ فيأتي ضميره مفردا، وقد يراعى معناه فيعامل معاملة الجموع، كما في آية سورة المؤمنون نسقيكم مما في بطونها. اهـ.
وقال القرطبي: استنبط بعض العلماء الجلة وهو القاضي إسماعيل من عود هذا الضمير، أن لبن الفحل يفيد التحريم، وقال: إنما جئ به مذكرا لأنه راجع إلى ذكر النعم، لأن اللبن للذكر محسوب، ولذلك قضى النبي صلى الله عليه وسلم بأن لبن الفحل يحرم. اهـ.
والحاصل أن التذكير في الآية الأولى لمراعاة جانب اللفظ، فإنه اسم جمع، وهو كثير في اللغة والقرآن، قال تعالى: وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار {البقرة: 74}.
وأن التأنيث في الثانية باعتبار لفظ الجماعة، فالنحل اسم جنس يذكر ويؤنث على قاعدة أسماء الأجناس، فالتأنيث فيها لغة الحجاز، والتذكير لغة غيرهم. ملخصا من كتب التفسير.
هذا؛ وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في كتب التفسير، وخاصة تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور، وتفسير القرطبي، وبحر العلوم للسمرقندي، واللباب لأبي حفص الدمشقي الحنبلي، وأسرار التكرار في القرآن للكرماني، وغيرها.
والله أعلم.