السؤال
ما هو حكم دراسة وتطبيق علم الفراسة الذي درسه الإمام الشافعي(رحمه الله)؟وهل له علاقة بعقيدة المسلم لأنه قد يلبس على الجهلة لأنهم يتوقعون أنه علم الغيب(معاذ الله)؟أرجو توضيح ذلك مع كل التقدير؟
ما هو حكم دراسة وتطبيق علم الفراسة الذي درسه الإمام الشافعي(رحمه الله)؟وهل له علاقة بعقيدة المسلم لأنه قد يلبس على الجهلة لأنهم يتوقعون أنه علم الغيب(معاذ الله)؟أرجو توضيح ذلك مع كل التقدير؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمجرد تعلم الفراسة لا حرج فيه، حيث إنها ليست من ادعاء علم الغيب وإنما هي قدرة على معرفة بعض الأحوال ببعض العلامات الظاهرة، وكذلك تحليل ما يتوقع حصوله في المستقبل بواسطة تحليل الأحداث. وانظر الفتوى رقم: 62996 ، وما أحيل عليه فيها.
والفراسة ثلاثة أنواع:
إيمانية : ... وسببها نور يقذفه الله في قلب عبده، يفرق به بين الحق والباطل،... والصادق والكاذب ... وهذه الفراسة على حسب قوة الإيمان، فمن كان أقوى إيمانا، فهو أحد فراسة.
الفراسة الثانية: فراسة الرياضة، والجوع، والسهر، والتخلي. فإن النفس إذا تجردت عن العوائق صار لها من الفراسة والكشف بحسب تجردها، وهذه فراسة مشتركة بين المؤمن والكافر، ... وهي فراسة لا تكشف عن حق نافع، ولا عن طريق مستقيم، بل كشفها جزئي، من جنس فراسة الولاة، وأصحاب تعبير الرؤيا، والأطباء، ونحوهم. وللأطباء فراسة معروفة، من حذقهم في صناعتهم ...
الفراسة الثالثة : الفراسة الخلقية، وهي التي صنف فيها الأطباء وغيرهم واستدلوا بالخلق على الخلق؛ لما بينهما من الارتباط الذي اقتضته حكمة الله...
وأصل هذه الفراسة أن اعتدال الخلقة والصورة هو من اعتدال المزاج والروح، وعن اعتدالها يكون اعتدال الأخلاق والأفعال، وبحسب انحراف الخلقة والصورة عن الاعتدال يقع الانحراف في الأخلاق والأعمال، هذا إذا خليت النفس وطبيعتها...
وللفراسة سببان:
أحدهما: جودة ذهن المتفرس، وحدة قلبه، وحسن فطنته.
والثاني: ظهور العلامات والأدلة على المتفرس فيه. فإذا اجتمع السببان، لم تكد تخطئ للعبد فراسة، وإذا انتفيا لم تكد تصح له فراسة، وإذا قوي أحدهما وضعف الآخر كانت فراسته بين بين. من كتاب مدارج السالكين مع حذف .
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في مفتاح دار السعادة بعض الآثار الدالة على فراسة الشافعي.
فقال: والشافعي كان من أفرس الناس، وكان قد قرأ كتب الفراسة وكانت له فيها اليد الطولى... فذكر عبد الرحمن بن أبي حاتم والحاكم وغيرهما عن الحميدي قال: قال الشافعي: خرجت إلى اليمن في طلب كتب الفراسة حتى كتبتها وجمعتها. من مفتاح دار السعادة مع حذف.
ومما سبق يتضح أن الفراسة منها ما هو مكتسب ومنها ما هو محض هبة من الله، وعلى كل حال فلا يجوز لصاحب الفراسة أن يلبس على البسطاء والسذج ويوهمهم بأنه يعلم الغيب، وتعلم الفراسة بقصد إيهام الناس بذلك لا يجوز.
والله أعلم.