السؤال
أولا أسال الله الرحمة والمغفرة، ثم سامحوني على ألفاظ سأستعملها لأني مضطر وضاقت بي السبل.أنا رجل عمري 27 سنة، عندي مشكلة كبيرة وأرجو منكم الإفادة والنصح.أخاف أن يكون عندي شذوذ وخصوصا نحو صغار السن. فماذا أعمل؟ فقد أصبحت أتمنى الموت، لا أريد أن أؤذي أبناء المسلمين والناس ينظرون إلي بثقة. فماذا أفعل هل أنعزل عن المسلمين فكيف لو كان عندي عمل يتطلب الاحتكاك مع كل شرائح المجتمع؟ وأحيانا أحاول أن لا أجلس بقرب النساء وصغار السن لكي لا أتأثر. أرى أن التأثر بالنساء شيء طبيعي لرجل، ولكن لماذا أتأثر برؤية صغار السن؟ وأخاف أن يعرف الناس أني مريض بمرض لعله الشذوذ، ولكني والله لا أريد أن أؤذيهم، والله يعلم أني أصبحت أفكر أن لا أذهب إلى أي مكان حتى المساجد، أصبحت أخاف أن أذهب لأصلي ثم بغير قصد مني أتأثر برؤية صغار السن. فما هو الحل؟ أخيرا ادعوا الله لي بالفرج أو الوفاة فالموت أهون.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا نسأل الله تعالى أن ييسر لك الهدى، وأن يفرج كربك، وننصحك بصدق التوجه إلى الله تعالى والتضرع إليه ليعافيك مما ابتليت به، فإن الله سبحانه يستجيب دعاء المضطرين ويكشف عنهم السوء، واحرص على البدار بالزواج فإنه أنجع الوسائل في التحصين والعفة، ثم أكثر من صوم النفل إلى أن تتزوج فقد قال الرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء. متفق عليه.
وحافظ على صلاة الفرائض في جماعة، ثم أكثر من النوافل وخصوصا قيام الليل، وواظب على الأذكار المقيدة والمطلقة، فإن الصلاة وكثرة الذكر لهما أثر عظيم في نهي صاحبها عن الفحشاء والمنكر قال سبحانه تعالى: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.{العنكبوت: 45}.
جاء في تفسير البغوي: وقال عطاء في قوله: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء.... قال ولذكر الله أكبر من أن تبقى معه معصية. انتهى.
وجاء في الحديث: أن يحيى بن زكريا قال لبني إسرائيل: وآمركم بذكر الله كثيرا، ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصنا حصينا فأحرز نفسه فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر لله تعالى. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
ثم أكثر من مطالعة كتب الترغيب والترهيب وسير السلف وقصص التائبين وأهوال القيامة والقبور، فقد دلت السنة المطهرة على أن العلم بأحوال القبور والآخرة يقمع الشهوات والأهواء، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم على الصعدات تجأرون إلى الله. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.
وابحث عن صحبة صالحة تتواصى معهم بالحق وتتعاون معهم على البر والتقوى، واحذر كل الحذر من النظر إلى المردان والصبيان خصوصا من يعجبك منظرهم وهيئتهم، وابتعد عن الخلوة بهم، وأكثر من التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وحاربه بالصبر عما يزينه من الشهوات، وبتعلم العلم حتى تعلم الحق فتصد عنك كيده ووسوسته وتدفع ما يلقيه عليك من الشبهات فقد قال تعالى: وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم * إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون.{الأعراف:201،200}.
ثم احذر أيضا البطالة والفراغ فإن لها أثرا كبيرا في انشغال المرء بالباطل وقد قيل: النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل. وراجع الفتوى رقم: 6995. فإن بها نصائح لمن غلبته شهوته.
وفي النهاية ننبهك على أنه لا يجوز للإنسان أن يتمنى الموت لضر نزل به أو بلاء أصابه؛ لأن هذا مما يدل على الجزع والتسخط على قضاء الله وقدره، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلا فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي.
وأعظم من ذلك وأقبح الإقدام على الانتحار وقتل النفس، فإنه من أعظم الكبائر وأشنعها، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 10397.
والله أعلم.