حديث الاختصاء واختيار أيسر الأمرين يدلان على حرمة الاستمناء

0 317

السؤال

فيما معناه أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: أنا شاب أعزب لا أجد ما أتزوج به النساء وأخاف على نفسي العنت. فهل هذا حديث صحيح يعمل به ومن راوي الحديث؟ وفيما معناه أن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: ما خير الرسول بين أمرين إلا اختار أيسرهما. فهل هذا حديث وإذا كان حديثا فهل هو صحيح ويعمل به أم أنه ضعيف لا يعمل به؟ وهل الحديثان لهما علاقة بالاستمناء؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما حديث أبي هريرة فرواه البخاري عنه قال: قلت: يا رسول الله إني رجل شاب وأنا أخاف على نفسي العنت ولا أجد ما أتزوج به النساء؟ فسكت عني، ثم قلت مثل ذلك، فسكت عني، ثم قلت مثل ذلك فسكت عني، ثم قلت مثل ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة جف القلم بما أنت لاق فاختص على ذلك أو ذر.

وبوب عليه البخاري باب: ما يكره من التبتل والخصاء. وكذلك بوب عليه النسائي والبيهقي. فليس في هذا الحديث ذكر للاستمناء، وإنما هو الخصاء، وفيه دليل من طرف خفي على منع الاستمناء لا على جوازه كما يريد السائل، لأن الصحابة سألوا الترخيص في الاختصاء رغم شدته ومضرته ولم يسألوا عن الاستمناء رغم خفة مؤونته، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرشدهم إليه رغم شدة حاجتهم وتكرير شكايتهم.

 قال ابن الجوزي في كشف المشكل: العنت: الزنا، وأصل العنت الحمل على مشقة لا تطاق، وإنما ذكر القدر ليمنعه من ذلك الفعل. اهـ.

وقد قرن الإمام البخاري بهذا الحديث حديث ابن مسعود قال: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس لنا شيء، فقلنا ألا نستخصي، فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب.

وهذا دليل آخر على منع الاستمناء لأنه رخص لهم في نكاح المتعة، وكان هذا في أول الإسلام ثم نسخ، ولم يرخص لهم في الاستمناء.

وأما حديث عائشة فرواه الشيخان عنها، قالت: ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه.

وفي هذا أيضا دلالة على منع الاستمناء، لأن اختيار النبي صلى الله عليه وسلم للأيسر مشروط ببعده عن الإثم، وهذا يشمل المكروه أيضا، لأنه قريب من الإثم، ولذلك قال النووي: فيه استحباب الأخذ بالأيسر والأرفق ما لم يكن حراما أو مكروها. اهـ.

وقال ابن حجر: أي ما لم يكن الأسهل مقتضيا للإثم، فإنه حينئذ يختار الأشد. اهـ.

وقال ابن بطال في شرح البخاري: يحتمل أن يكون هذا التخيير ليس من الله، لأن الله لا يخير رسوله بين أمرين وعليه في أحدهما إثم، فمعنى هذا الحديث ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بين أن يختار لهم أمرين من أمور الدنيا على سبيل المشورة والإرشاد، إلا اختار لهم أيسر الأمرين، ما لم يكن عليهم في الأيسر إثم، لأن العباد غير معصومين من ارتكاب الإثم. اهـ. وقد سبق لنا زيادة إيضاح عن ذلك في الفتوى رقم: 128029.

وأما مسألة الاستمناء من أجل الضرورة فقد سبق لنا بيانها في الفتوى رقم: 130812.

 ولمزيد الفائدة عن ذلك يمكن الاطلاع على الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 121913، 130883، 130886، 131321، 131224، 131029.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة