السؤال
كنت راكبا ـ ذات مرة ـ في وسيلة نقل عامة ومختلطة ـ وهى مترو الأنفاق ـ وكنت جالسا فركب رجل ومعه زوجته وابنته الشابة وكانوا يتحدثون باللغة الإنجليزية وهم ـ على ما اعتقد ـ من أمريكا، فجلس بجوارى الرجل وامرأته وظلت ابنتهما واقفة أمامهما لا تجد مكانا للجلوس، فقال لي رجل كبير ـ في همس ـ قم لها يا بني حتى يأخذ الأمريكيون فكرة حسنة عن الإسلام والمسلمين، ولكنني لم أقم لها ـ أبدا ـ طوال الرحلة، وحينما أردت أن أقوم أجلست بدلا مني رجلا مسلما كبيرا في السن لم ألمحه إلا حينما أردت أن أقوم، فهل ما فعلته فيه إساءة للإسلام والمسلمين؟ وهل إذا لم أرد أن أقوم لأى أحد ـ سواء كان مسلم شيخا أو غير مسلم عجوز، وسواء كان رجلا أو امرأة ـ فهل في ذلك إثم وذنب علي؟ أم أنا حر ما دامت لم أفعل الشر لأحد؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله تعالى يحب المحسنين، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء، وقد وردت نصوص كثيرة في القرآن والسنة تدل على فضل البر والإحسان والرحمة، ويتأكد فعل ذلك مع المسلم المسن أكثر من غيره من المسلمين، ومن غير المسلمين من باب أولى، وعن أبي موسى الأشعرى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من إجلال الله: إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن ـ غير الغالي فيه والجافي عنه ـ وإكرام ذي السلطان المقسط. وقد رواه أبو داود، وحسنه الألباني.
وعلى ذلك، فأنت مصيب في تقديمك للمسلم المسن على غيره، ومع ذلك، فالإحسان إلى غير المسلمين والبر بهم ما داموا غير محاربين لنا مطلوب ـ أيضا ـ ولا سيما إذا كانت هناك مصلحة شرعية ترجى من وراء ذلك قال تعالى: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين {الممتحنة:8} وانظر الفتوى رقم: 110926.
واعلم أن قيامك هذا، إنما هو فضل وليس بفرض، فأنت أحق بمكانك الذي سبقت إليه، ولا يجب عليك تركه لغيرك.
والله أعلم.