السؤال
لماذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء وهو: أعوذ بك أن أموت لديغا؟
وهل لا يحبذ أن يموت الإنسان لديغا؟.
وجزاكم الله خير الجزاء.
لماذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء وهو: أعوذ بك أن أموت لديغا؟
وهل لا يحبذ أن يموت الإنسان لديغا؟.
وجزاكم الله خير الجزاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد جاء في سنن أبي داود عن أبي اليسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو: اللهم إني أعوذ بك من الهدم، وأعوذ لك من التردي، وأعوذ بك من الغرق والحرق، وأعوذ بك من الهرم، وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت، وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبرا، وأعوذ بك أن أموت لديغا.
فقد جمع الحديث بين الاستعاذة من نوعين من المكروهات والمصائب: الأول: أمور هي شر محض في جميع الأحوال ـ كتخبط الشيطان للإنسان عند الموت، وأن يموت المرء مدبرا في سبيل الله. والثاني: أمور هي من المصائب ولكن جاءت الأحاديث بأن من مات بها كان له أجر الشهداء ولذا، فقد استشكل العلماء الاستعاذة من هذه الأمور التي هي سبب الشهادة ـ كالموت بالهدم والحرق ولدغ ذوات السموم ـ وقد أجاب العلماء عن هذا الاستشكال بما مضمونه أن هذه الأمور مجهدة مقلقة، فربما إذا أصيب الإنسان بها لا يصبر عليها ويصيبه الجزع والتسخط بذلك فيختم له بالسوء، جاء في فيض القدير للمناوي: استعاذ منها ـ مع ما فيها من نيل الشهادة ـ لأنها مجهدة مقلقة لا يثبت المرء عندها، فربما استزله الشيطان فأخل بدينه، ولأنه موت فجأة ومؤاخذة أسف، كما يأتي. انتهى بتصرف. وفي مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: قال التوربشتي: إنما استعاذ من هذه البليات مع ما وعد عليها من الشهادة، لأنها محن مجهدة مقلقة لا يكاد واحد يصبر عليها ويثيبت عندها أو يذكر عند حلولها شيئا مما يجب عليه في وقته ذلك، وربما ينتهز الشيطان عنه فرصة لم يكن لينال منه في غيرها من الأحوال أي فيحمله على ما يضر بدينه، ثم إنها تفجأ عليه فتتضمن الأسباب التي ذكرناها في موت الفجاءة. انتهى. وفي شرح سنن أبي داود لعبد المحسن العباد: وقد جاء أن الغريق والمحروق واللديغ شهداء، لكن إذا بقي في قيد الحياة فقد يحصل له أمور لا يستطيع أن يصبر معها فيصير عنده تحسر وضجر والاستعاذة من هذه الأشياء عامة ـ سواء مات منها أو لم يمت ـ فيستعاذ منها. انتهى. والله أعلم.