الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أجمع العلماء قاطبة على حرمة السحاق بين النساء، وعده ابن حجر من كبائر الذنوب.
فقد جاء في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة الثانية والستون بعد الثلاثمائة: مساحقة النساء وهو أن تفعل المرأة بالمرأة مثل صورة ما يفعل بها الرجل. كذا ذكره بعضهم واستدل له بقوله صلى الله عليه وسلم: السحاق زنا النساء بينهن. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: لا خلاف بين الفقهاء في أن السحاق حرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: السحاق زنى النساء بينهن. وقد عده ابن حجر من الكبائر. انتهى.
وقد حكى بعض المفسرين أن من أسباب هلاك نساء قوم لوط أنهن كن يفعلن هذه الفعلة الشنيعة، لأنه لما استغنى رجالهم بالرجال عن النساء، ولم تجد النساء من يقضي وطرهن من الرجال استغنى بعضهن ببعض عن الرجال.
جاء في تفسير الألوسي رحمه الله: وبدأ أيضا السحاق في قوم لوط عليه السلام فكانت المرأة تأتي المرأة، فعن حذيفة رضي الله تعالى عنه: إنما حق القول على قوم لوط عليه السلام حين استغنى النساء بالنساء والرجال بالرجال. وعن أبي حمزة رضي الله تعالى عنه: قلت لمحمد بن علي: عذب الله تعالى نساء قوم لوط بعمل رجالهم؟ فقال: الله تعالى أعدل من ذلك استغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء. انتهى.
فتبين بهذا حرمة هذه الفعلة الشنيعة التي تخالف الفطرة السليمة والتي تنفر منها الأخلاق المستقيمة, ولا ينبغي لمسلم أن يشك في حرمة هذا الفعل, وكيف يشك في ذلك وقد اشتمل على جملة من كبائر الذنوب, فمن ذلك كشف العورات والنظر إليها بغير ضرورة ولا حاجة, ومنها اشتمالها على لمس العورة بشهوة، وهذا كله حرام بإجماع المسلمين.
فالواجب عليك أيتها السائلة أن تتقي الله سبحانه وتتوبي إليه وأن تقلعي عن هذه الخصلة القبيحة، مع الإكثار من الأعمال الصالحة المكفرة خصوصا الصلاة والذكر والصدقة، فقد قال الله جل وعلا: وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين. {هود: 114}، وفي سنن الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن. حسنه الألباني. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدقة السر تطفئ غضب الرب. ومما يعينك على الثبات على طريق التوبة ما يلي:
1- كثرة الدعاء واللجوء إلى الله جل وعلا فإن الله سبحانه يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.
2- الإكثار من ذكر الله والصلاة فإن الصلاة وكثرة الذكر لهما أثر عظيم في نهي صاحبهما عن الفحشاء والمنكر قال سبحانه: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر. {العنكبوت 45}.
جاء في تفسير البغوي: وقال عطاء في قوله: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر. قال: ولذكر الله أكبر من أن تبقى معه معصية. انتهى.
وجاء في الحديث أن يحيى بن زكريا قال لبني إسرائيل: وآمركم بذكر الله كثيرا ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصنا حصينا فأحرز نفسه فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله تعالى. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
3- البعد عن دواعي الذنب وأسبابه وما يهيجه في القلب من النظر إلى الصور المحرمة ومشاهدة المناظر الإباحية.
4- تجنب أصدقاء السوء من شياطين الإنس فإنهم أضر شيء على دين المرء ودنياه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. رواه أبو داود وغيره وحسنه الألباني.
قال في عون المعبود: على دين خليله: أي على عادة صاحبه وطريقته وسيرته.
وروى البخاري ومسلم عن رسول الله أنه قال: إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة.
وكلنا يعلم كيف كان لأصدقاء السوء دور كبير في موت أبي طالب على الكفر مع ما كان عليه في حياته من محبة لرسول الله ونصرة له.
جاء في تفسير ابن كثير: لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل، وعبد الله بن أبي أمية، فقال: أي عم، قل: لا إله إلا الله. كلمة أحاج لك بها عند الله، عز وجل. فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب، أترغب عن ملة عبد المطلب؟ قال: فلم يزالا يكلمانه، حتى قال آخر شيء كلمهم به: على ملة عبد المطلب.
5- البحث عن صحبة طيبة من ذوات الدين والخلق ليكن عونا لك على طاعة الله سبحانه والقيام بأوامره.
6- بذل المجهود لإصلاح العلاقة بينك وبين زوجك وإزالة ما بينكما من شقاق وخلاف فهذا له دور كبير في الابتعاد عن هذه القاذورات وقضاء الوطر بما أباحه الله.
والله أعلم.