السؤال
سؤالي: إذا فعل الإنسان فعلا ثم شك بعد فعله أنه قد يكون كفرا، فهل عليه الاغتسال والشهادة؟ أم التوبة ـ فقط ـ وإذا غلب علي ظنه أنه كفر، فماذا يفعل؟ وإذا غلب على ظنه أنه لا يكفر بذلك.
أرجو التوضيح من فضلكم، وهل يستوي الإنسان العادي مع الموسوس في ذلك؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تقرر في الشريعة أن من ثبت إسلامه بيقين، فلا يزول إسلامه بالشك وأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، فلا يكفر المسلم إلا إذا أتى بقول أو بفعل أو اعتقاد دل الكتاب والسنة على كونه كفرا أكبر مخرجا من ملة الإسلام، أو أجمع العلماء على أنه كفر أكبر، ومع ذلك، فلا يحكم بكفر المعين إلا إذا توفرت فيه شروط التكفير وانتفت عنه موانعه، ومن ذلك أن يكون بالغا عاقلا مختارا غير معذور بجهل أو تأويل فيما يكون فيه الجهل والتأويل عذرا.
وعلى هذا، فلا يطالب من لم يحكم بردته بالاغتسال، لأن الردة لابد أن تثبت أولا، ويتأكد هذا في حق الموسوس، وعليه أن يطرح هذه الأفكار ولا يجعل للشيطان عليه سبيلا، فإن الوسوسة مرض شديد وداء عضال والاسترسال معها يوقع المرء في الحيرة والشك المرضي، والضيق والحرج الشرعي، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 8106، 60843، 721.
على أن غسل المرتد وكذلك الكافر الأصلي إذا أسلم، قد اختلف أهل العلم في وجوبه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 76190.
ثم الواجب على من شك في حرمة شيء، أو ردة من فعل شيئا معينا، أن لا يحكم بظنه غالبا كان أو مغلوبا، بل الواجب عليه أن يسأل أهل العلم ليبينوا له الحجة، ويوضحوا له المحجة، ويزيلوا عنه الشبهة، فتطمئن نفسه ويهدأ فؤاده، كما قال الله تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون {النحل: 43}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال.
رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني.
والعي: هو الجهل.
وقال ابن عبد البر في التمهيد: يلزم كل مؤمن ومؤمنة إذا جهل شيئا من أمر دينه أن يسأل عنه. هـ.
والله أعلم.