السؤال
هل الرزق له علاقة بالمكان أم لا؟ أي أنه إذا سافر إنسان إلى مكان آخر هل سيزيد رزقه؟ أم كما هو؟ وإذا كان كما هو فلماذا السفر ؟
هل الرزق له علاقة بالمكان أم لا؟ أي أنه إذا سافر إنسان إلى مكان آخر هل سيزيد رزقه؟ أم كما هو؟ وإذا كان كما هو فلماذا السفر ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ضيق الرزق وسعته من أقدار الله تعالى، كما قال الله تعالى: الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له {العنكبوت:62} وراجع في ذلك الفتوى رقم: 29607.
ومن المعلوم أن الله تعالى قد ربط الأسباب بمسبباتها قدرا، فأسباب الرزق عامة هي من جملة قدر الله تعالى لعبده، ومن جملة هذه الأسباب السعي بالسفر في طلب الرزق وزيادته، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الأسباب التي يحصل بها الرزق هي من جملة ما قدره الله وكتبه، فإن كان قد تقدم بأنه يرزق العبد بسعيه واكتسابه، ألهمه السعي والاكتساب، وذلك الذي قدره له بالاكتساب لا يحصل بدون الاكتساب، وما قدره له بغير اكتساب كموت مورثه يأتيه به بغير اكتساب، والسعي سعيان: سعي فيما نصب للرزق كالصناعة والزراعة والتجارة. وسعي بالدعاء والتوكل والإحسان إلى الخلق ونحو ذلك، فإن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. اهـ. فالسعي في الأرض والسفر لطلب الرزق مباح من حيث هو، قال الله تعالى: هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور {الملك:15} وقد كان الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم من المسلمين يسافرون للعمل والتجارة والكسب، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 46776. والمقصود أن السفر من جملة الأسباب التي يطلب بها الرزق، وقد روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سافروا تصحوا، واغزوا تستغنوا. وصححه الألباني في الصحيحة. ورواه البيهقي عن ابن عباس مرفوعا، بلفظ: سافروا تصحوا وتغنموا. ثم قال: قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإنما هذا دلالة لا حتما، أن يسافر لطلب صحة ورزق. اهـ. وقال البيهقي: قوله تعالى: وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله {النور:32} قال: دل على ما فيه سبب الغنى والعفاف، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: سافروا تصحوا وترزقوا. اهـ. وقال المناوي في شرح هذا الحديث: ومما عزي للشافعي: تغرب عن الأوطان في طلب العلا وسافر ففي الأسفار خمس فوائد. تفريج هم واكتساب معيشة وعلم وآداب وصحبة ماجد. وقد خص الإنسان بالقوى الثلاث ليسعى في مناكب الأرض بما تفيده السعاية وترفعه من الذل إلى العز، ومن الفقر إلى الغنى، ومن الضعة إلى الرفعة، ومن الخمول إلى النباهة. اهـ. والله أعلم.