السؤال
أنا متزوجة والحمد لله، إلا أن موضوع الحور العين يبقى يجعلني أغار بشكل كبير غصبا عني، أعلم أن الرجل تم وعده بالحور للترغيب، وأن نساء الجنة أفضل كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام، وقرأت عن هذا الموضوع إلا أن سؤالي هو هل يتم تخيير الرجل بهن؟ أي هل يمكن أن يكتفي بزوجته فقط؟ أم أن كل الرجال يتزوجون 2 ؟ حتى أنني أدعو الله أحيانا بألا ينزع مني هذه الرغبة بأن يكون زوجي لي وحدي،وأحيانا أشعر بأن الله سبحانه قد يحقق لي أغلى أمنياتي بسبب هذا الكم من العشق الذي جعلني أكنه لزوجي، حتى أنني أخاف أن أغضب الله بسبب هوسي بزوجي، فهل حرام أن أفكر بهذه الطريقة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنريد أولا التنبيه إلى أن الحديث الذي أشرت إليه في تفضيل نساء الدنيا على الحور العين قد ضعفه أهل العلم، ومثل هذا الموضوع لا يصح أن يقال فيه إلا ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن ينبغي العلم أن الجنة هي دار النعيم التي أعدها الله لعباده المؤمنين، من دخلها ينعم ولا يبأس، وهي دار السلام ففيها السلامة من كل آفة وعيب ونقص، فالنفوس راضية والقلوب صافية لا حقد ولا حسد ولا غل، قال تعالى: إن المتقين في جنات وعيون * ادخلوها بسلام آمنين * ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين * لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين {الحجر: 45 – 48}.
قد هيأ الله أهلها لهذا النعيم، قال السعدي: وذلك لأن الله ينشئهم نشأة وحياة كاملة لا تقبل شيئا من الآفات. تفسير السعدي. (1 / 431).
قال تعالى: وسقاهم ربهم شرابا طهورا {الإنسان: 21} قال ابن كثير: أي: طهر بواطنهم من الحسد والحقد والغل والأذى وسائر الأخلاق الردية، كما روينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه قال: إذا انتهى أهل الجنة إلى باب الجنة وجدوا هنالك عينين فكأنما ألهموا ذلك فشربوا من إحداهما فأذهب الله ما في بطونهم من أذى، ثم اغتسلوا من الأخرى فجرت عليهم نضرة النعيم. تفسير ابن كثير. (8 / 293).
فإذا كان الرجل في الجنة قد وعده الله بالحور العين مع زوجاته من أهل الدنيا ولم يرد ما يفيد تخييره في الاكتفاء بزوجته عن الحور العين، فزوجته لن تشعر بغيرة عليه من الحور العين، وإنما ستكون راضية سعيدة قريرة العين، وانظري الفتوى رقم: 78807.
والواجب عليك أن تسلمي لأمر الله وترضي بحكمه وتشغلي نفسك بما يقربك إلى الله ويوصلك لمرضاته ودخول جناته، وذلك بالإيمان والعمل الصالح.
واعلمي أن المبالغة في الحب والبغض عموما أمر غير محمود، فقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بقوله: أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما. رواه الترمذي وصححه الألباني.
ولا شك أن القصد والاعتدال في الأمور مما يوافق الشرع ومن أسباب طمأنينة النفس.
وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 9360.
والله أعلم.