حرص فاطمة على التستر حتى بعد موتها

0 391

السؤال

هناك موضوع أريد رأيكم فيه وجدته في المنتدى وأنا مشرف فيه وأشك في صحته، وهذا هو الموضوع:
هي قصة امرأة لا شك أنك تحبينها, ومن أعماق قلبك تجلينها ..
كيف لا وهي ابنة أحب الخلق صلى الله عليه وسلم، إنها الزهراء فـاطمة رضي الله عنها ..
أريدك يا غالية وأنت تقرئين هذه السطور أن تستشعري الموقف وكأنك تسمعين كلامها وتحسين بإحساسها ..
لما كانت جالسة رضي الله عنها مع أسماء بنت عميس رضي الله عنها، وكانت أسماء مسترسلة في حديثها لفاطمة وتقول: كنا في الحبشة وحصل لنا كذا وكذا، وبينما هي كذلك إذ نظرت إلى فاطمة رضي الله عنها سارحة الذهن شاردة البال !!
فسألتها قائلة:
يا فاطمة مالي أحدثك فلا تسمعي إلي ؟؟
فإذا بالغالية ترد وتلقي بالدرر التي لا يدركها إلا من اختصه الله بنفس تلك المشاعر
قالت :
عذرا يا أسماء لكني كنت أفكر !!
ما الذي تظنين أنه شغل فكرها ؟!!
هل هو الفستان الذي ستلبسه في إحدى المناسبات؟؟؟ أم تفكر بالتسريحة والمكياج ؟؟
قالت : يا أسماء إني أفكر في نفسي غدا إذا أنا مت !!!
والله إني لأستحي أن أخرج عند الرجال في وضح النهار ليس علي إلا الكفن !!!
سبحان الله تستحي وهي ميتة مكفنة في خمسة أثواب !!!
ما الذي سيظهر منها ؟؟ ومن الذين سيحملونها ؟؟ وهل هو موقف فيه أي نوع من أنواع الفتنة ؟؟
فهي ليست في سوق أو حديقة أو منتزه !!
بل في موقف حزن ..
فقالت لها أسماء : ألا أصنع لك شيئا رأيته في الحبشة ..
نضع أعمدة على أركان النعش حتى يرتفع الغطاء على الأعمدة فلا يبين أي شيء ..
فردت فاطمة قائلة : اللهم استرها كما سترتني ..
لله درها تستحي وهي ميتة
فما بال الأحياء لا يستحون ؟؟؟
فلو مرت فاطمة رضي الله عنها في أسواقنا اليوم !! ورأت من مات حياؤها!! فخصرت العباءة ولونت أطرافها وتكسرت في مشيتها وعلت ضحكاتها وفاحت رائحة عطرها !!!
فماذا ستقول رضي الله عنها ؟؟
بل أين من تقول للمحتشمات إنهن معقدات فهل فاطمة معقدة ؟؟
إذا كانت معقدة فهنيئا للمعقدات !!
لأن الله سبحانه وتعالى قد أرسل ملكا من الملائكة لمحمد صلى الله عليه وسلم برسالة عظيمة .. وبشارة من أعظم البشارات ..يقول فيها سبحانه:" بشر فاطمة أني كتبتها هي سيدة نساء أهل الجنة "
الله أكبر
سيدة نساء أهل الجنة ..
ما الذي أوصلها لهذه المنزلة ؟؟
قال عليه الصلاة والسلام:( الحياء لا يأتي إلا بخير ) رواه البخاري .
فماذا عنك أخيه هل أنت من نساء أهل الجنة أم لا ؟؟؟
انظري إلى نفسك قليلا وفكري في حالك. هل قدرك عال عند الله سبحانه وتعالى كفاطمة رضي الله عنها ؟؟
أم أنه كالممثلات والمطربات ؟؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من تشبه بقوم فهو منهم ). رواه أبي داوود
وجزاكم الله خيرا.
أرجو الرد بالتفصيل على هذا الموضوع لأني أشعر أنه من صنع أهل البدع والأهواء؟ وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما قصة فاطمة مع أسماء بنت عميس المذكورة فقد ذكر معناها الحاكم في مستدركه ورواها بألفاظ قريبة البيهقي في سننه و أبو نعيم في الحلية وابن عبد البر في الاستيعاب  ،وقال بعده : قال أبو عمر فاطمة رضي الله عنها أول من غطي نعشها من النساء في الإسلام على الصفة المذكورة في هذا الخبر ثم بعدها زينب بنت جحش رضي الله عنها صنع ذلك بها أيضا .

وأما كون فاطمة سيدة نساء أهل الجنة فهذا ثابت. ففي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مرحبا بابنتي" ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم أسر إليها حديثا فبكت فقلت لها: لم تبكين؟ ثم أسر إليها حديثا فضحكت، فقلت: ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن، فسألتها عما قال فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم، فسألتها فقالت: أسر إلي أن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة وإنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي وإنك أول أهل بيتي لحاقا بي فبكيت فقال: "أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة" أو "نساء المؤمنين" فضحكت لذلك.

وفي سنن الترمذي من حديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن هذا ملك لم ينزل الأرض قط قبل هذه الليلة استأذن ربه أن يسلم علي ويبشرني بأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. قال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل.

والحديث صححه الألباني.

وأما حديث من تشبه بقوم فهو منهم. فهو صحيح.

وعموما فالمقال المذكور في السؤال جيد ونافع، ويشتمل على عناصر مفيدة ومهمة، ففيه دعوة إلى الحياء والتمسك بالحجاب الشرعي ونبذ مظاهر التبرج، واتخاذ النساء الصالحات أسوة للفتيات المسلمات بدلا من الفاسقات الماجنات، فيمكن الاستفادة من تلك العناصر في كتابات المنتدى مع الحرص على تحري الأدلة الصحيحة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات