السؤال
هل كثرة الإقسام على الغير يدخل في نهي: ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم؟ وهل تكون الصيغة لزوما: "والله لتفعلن كذا" أو يدخل فيها أيضا "بالله عليك" و"أستحلفك بالله"؟ وإذا لم يبر المقسم عليه أو نسي فهل في ذلك إثم عليهما وهل تجب الكفارة على المقسم؟ علما أن الصيغة التي تقال: بالله عليك أو أستحلفك بالله؟ آمل من فضيلتكم التكرم بإجابتي عن كل الأسئلة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كثرة الحلف لغير ضرورة أو حاجة ملحة أمر مذموم شرعا سواء كان الحالف يقسم لنفسه أو على غيره
فقد قال الله تعالى: ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم.. {البقرة: 224}. وقال تعالى: واحفظوا أيمانكم. {المائدة: 89}.
قال العلماء: لا ينبغي كثرة الحلف وإن كان على حق، لما يشعر به ذلك من عدم تعظيم الله تعالى.
وقول القائل: والله لتفعلن كذا يمين منعقدة على الحنث، فيعتبر صاحبها حانثا ما لم يفعل صاحبه ما أقسم به عليه، فإذا فعل من أقسم عليه فقد بر يمينه، ولا كفارة عليه، وإذا لم يفعل لزمته الكفارة دون من حلف عليه. قال ابن قدامة في المغني: فإن قال: والله ليفعلن فلان كذا، أو لا يفعل، أو حلف على حاضر، فقال: والله لتفعلن كذا فأحنثه، ولم يفعل فالكفارة على الحالف. كذا قال ابن عمر، وأهل المدينة وعطاء، وقتادة والأوزاعي وأهل العراق والشافعي لأن الحالف هو الحانث، فكانت الكفارة عليه.
وأما قوله: بالله عليك، أو أستحلفك بالله.. فإن كان قصده: أسألك بالله.. فإن هذا لا ينبغي لما فيه من السؤال بالله تعالى المنهي عنه شرعا، فقد وروى الطبراني وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ملعون من سأل بوجه الله، وملعون من سئل بوجه الله ثم منع سائله ما لم يسأل هجرا. وفي رواية الإمام أحمد: لا يسأل بوجه الله إلا الجنة.
وقال صلى الله عليه وسلم: من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكم بوجه الله فأعطوه. رواه أحمد غيره وصححه الأرنؤوط.
وإن كان قصده: أسالك أن تحلف بالله على أن تفعل كذا أو لا تفعل فهذا لا يلزم منه شيء ما لم يحلف له صاحبه أنه سيفعل ذلك الشيء.
ثم إن إبرار المقسم مستحب ومرغب فيه لمن قدر عليه ولم يترتب عليه ضرر أو إثم؛ لما في الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع، ونهانا عن سبع.. الحديث- وذكر منهم إبرار القسم. انظر الفتوى رقم: 111214.
والحاصل أن على المسلم أن يعظم ربه تبارك وتعالى، فلا يكثر الحلف به أو يسأل به الأمور الدنيئة.
وللمزيد من الفائدة انظري الفتويين : 17528، 6869.
والله أعلم.