السؤال
قد سمعت وقرأت من مشايخ أنه يجب قضاء الصوم والصلاة حتى لو مر عليها سنوات. فأنا في بداية مرحلة البلوغ لم أكن أصلي لمدة سنة ونصف تقريبا أو أكثر بقليل، وفي هذه الفترة مر علينا شهر رمضان مرتين تقريبا، ولكن في الحقيقة لا أذكر إن كنت أصوم أو لا. ثم بدأت أصلي وأصوم ولكن على جهل مني. فمثلا كثيرا ما كنت أصلي وكانت ملابسي فيها بقايا من الدم القديم من الحيض مع العلم أنه مغسول ولكن أثر الدم لم يختف. وكنت أصلي وملابس الصلاة شفافة. وكنت أصوم بعد اغتسالي من الحيض على ظن مني أني قد انتهيت، ولكن علمت الآن أن الاستحاضة بعد الحيض تعتبر من أيام الحيض ويجب علي قضاؤها. ولا أخفيك أني كنت أشك بهذا والصوم ولكني قلت في نفسي إنه وسواس خناس. فهل علي إعادة كل هذه الصلوات؟ وأقضي كل هذه الأيام من الصيام؟ مع العلم أنه مشقة لي في أن أقضي كل هذه الصلاة والصيام. فقد حسبت عدد أيام الصيام فهي تقارب 80 يوما. وأما الصلاة فلا أعلم كيف أقضيها، ولكن يا شيخي الكريم ما أعرفه عن الله سبحانه وتعالى أنه غفور رحيم، ويعفو عما سلف. ففي بداية بلوغي كنت غافلة بعض الشيء ووعيت بعد ذلك لنفسي ولعبادتي ولكن كنت أجهل في كثير من الأمور. أما الآن فقد علمت بهذه الأمور والحمد لله ووعيت لنفسي وعبادتي وتبت إلى الله توبة نصوحا. فلماذا أشقي نفسي لما أسلف مني... فما رأيك يا شيخ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف العلماء فيمن ترك الصلاة عمدا من غير عذر هل يقضيها؟ فذهب الجمهور إلى وجوب قضائها، وهذا هو المفتى به في موقعنا، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهما إلى عدم وجوب القضاء، وإنما تجب التوبة إلى تعالى والمحافظة على الصلاة مع الإكثار من النوافل، وعلى مذهب الجمهور فالواجب عليك إضافة إلى وجوب التوبة قضاء ما فرطت فيه من صلوات بعد بلوغك إذا كنت تعلمين عددها، وإلا صليت بقدر ما يغلب على ظنك أنه يبرئ ذمتك ويفي بما عليك.
واعلمي أن قضاء الصلوات ليس له وقت محدد، فهو مشروع في كل وقت وحين، ولبيان كيفية قضاء الفوائت راجعي في ذلك الفتوى رقم: 31107.
وأما الصلاة بملابس فيها أثر دم الحيض، فإن الملابس إذا غسلت من دم الحيض تعتبر طاهرة حتى ولو بقي اللون؛ لما رواه أحمد وأبو داود وغيرهما عن أبي هريرة أن خولة قالت: يا رسول الله فإن لم يذهب الدم، فقال: يكفيك الماء ولا يضرك أثره.
وأما الصلوات التي صليتها بملابس شفافة فإن ستر العورة شرط في صحة الصلاة، ومن صلى بملابس تشف عن عورته بمعنى أنه يتبين لون البشرة من تحته، لم تصح صلاته ويلزمه قضاؤها ولو كان جاهلا عند الجمهور، واختار شيخ الإسلام أن من ترك شرطا جاهلا لم يلزمه إعادة الصلاة كما فصلناه في الفتوى رقم: 106682.
وأما قولك بأن الاستحاضة بعد الحيض تعتبر من الحيض فلم نفهم ما تريدين بالاستحاضة، فإن كنت تقصدين الصفرة أو الكدرة، فاعلمي أنه إذا طهرت المرأة من حيضها فإنه لا عبرة بما تراه من كدرة أو صفرة بعد الطهر لقول أم عطية: كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا. رواه البخاري وأبو داود.
والاستحاضة لا تمنع الصلاة، وانظري أحكام المستحاضة في الفتوى رقم: 4109، وكذا انظري الفتوى رقم: 127959 حول ما يلزم من شك هل صام عند بلوغه أم لم يصم، ونحن نوصي الأخت بالإعراض عن الوساوس وعدم الاسترسال معها، فقد ظهر لنا من خلال أسئلتها في هذا السؤال وغيره أنها ربما أصيبت بالوسوسة، ولتعلم أن العلاج هو الإعراض عنها جملة.
والله أعلم.