مجاهدة الوسوسة لها أجر عظيم

0 367

السؤال

أريد الاستفسار لصديقتي حيث إنها تقول: عندما تكون متفرغة وتفكر بأمور الدنيا لا شعوريا تقوم بالسب بعقلها (الله) مع أنها تستغفر الله، ولكن هذا الشيء يسيطر عليها، وعندما تكون ناسية تذكر نفسها يهذا الشيء، فتبدأ بالسب وتصبح في صراع حيث لا تستطيع أن تقاوم ذلك وتصبح كالمجنونة حيث تستغفر الله، ولكن الأمر يزيد. فهي تسال هل تحاسب على ذلك مع أنها غير قادرة على السيطرة على ذلك، فهي مضطربة جدا وخائفة من عقاب الله لها، وأصابها يأس. هل هذا من عمل الشيطان؟ أم لا دخل له بذلك وأنه من ذاتها تقوم بهذا الشيء؟
وبارك الله فيكم. أرجو عدم الإطالة بالجواب، أريد أن أعطيها الحل بأسرع وقت ممكن.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالوسوسة وحديث النفس شيء يهجم على القلب بغير اختيار الإنسان، ومن فضل الله تعالى ورحمته أنه تجاوز عن ذلك ما لم يعمل به العبد أو يتكلم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم. رواه البخاري ومسلم. قال النووي في الأذكار: الخواطر وحديث النفس إذا لم يستقر ويستمر عليه صاحبه فمعفو عنه باتفاق العلماء؛ لأنه لا اختيار له في وقوعه ولا طريق له إلى الانفكاك عنه. وهذا هو المراد بما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل. قال العلماء: المراد به الخواطر التي لا تستقر. قالوا: وسواء كان ذلك الخاطر غيبة أو كفرا أو غيره، فمن خطر له الكفر مجرد خطران من غير تعمد لتحصيله ثم صرفه في الحال فليس بكافر ولا شيء عليه. اهـ.

وكره العبد وخوفه ونفوره من هذه الخواطر والوساوس علامة على صحة الاعتقاد وقوة الإيمان، فقد جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم. قال النووي: معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه، ومن النطق به، فضلا عن اعتقاده، إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا وانتفت عنه الريبة والشكوك. اهـ. وراجعي في ذلك الفتويين: 7950، 12300. وما تذكره السائلة من حال صديقتها إنما هو من الشيطان، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به؟ فقال صلى الله عليه وسلم: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. رواه أبو داود وأحمد، وصححه الألباني. جاء في (عون المعبود): حممة أي فحما.. رد كيده الضمير للشيطان، وإن لم يجر ذكره لدلالة السياق عليه. اهـ.

ونبشرها بأنها مادامت لم تتكلم بما ذكر ولم تسمح له أن يستقر في القلب فإنها مأجورة إن شاء الله على مجاهدتها لوسوسة الشيطان وما يصيبها من شدة في ذلك، وعلى كثرة استغفارها. ونسأل الله تعالى أن يعافيها ويشرح صدرها ويلهمها رشدها، ويقيها شر الشيطان وشركه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة