ما يعفى عنه مما أصاب ثوب المصلي

0 883

السؤال

ما هي الأمور المعفو عنها إذا تواجدت في ملبس المصلي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاجتناب النجاسة في الثوب والبدن والبقعة شرط في صحة الصلاة عند الجماهير، ودليل اشتراط اجتناب النجاسة في الثياب قوله تعالى: وثيابك فطهر. {المدثر:3}.  وأما ما ليس بنجس فلا يجب اجتنابه وإن كان مستقذرا لكن يستحب غسل الثوب منه تنزها وذلك كالمخاط وكالمني فإنه طاهر في قول الشافعية والحنابلة. وأما النجاسات فللعلماء تفصيلات واسعة فيما يعفى عنه منها وما لا يعفى عنه، ونحن ننقل ما في الموسوعة الفقهية في تلخيص مذاهب العلماء في المسألة فيما يتعلق بموضوع السؤال ونزيد عليه زيادة يسيرة تدعو إليها الحاجة.

 جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب الحنفية إلى أن قدر الدرهم وما دونه من النجاسة المغلظة كالدم والبول والخمر ونحوها معفو عنه، وجازت الصلاة معه. انتهى.

وجاء في الموسوعة في بيان ضابط النجاسة المخففة عند الحنفية: أما النجاسة المخففة فقد اختلفوا في القدر الذي يعفى عنه منها على روايات: قال المرغيناني: إن كانت كبول ما يؤكل لحمه جازت الصلاة معها حتى يبلغ ربع الثوب. وقال الكاساني: حد الكثير الذي لا يعفى عنه من النجاسة الخفيفة هو: الكثير الفاحش في ظاهر الرواية. انتهى.

وأما مذهب المالكية فقد جاء في الموسوعة: وفرق المالكية بين الدم وما معه من قيح وصديد وسائر النجاسات، فيقولون بالعفو عن قدر درهم من دم وقيح وصديد وهو الدائرة السوداء الكائنة في ذراع البغل، قال الصاوي: إنما اختص العفو بالدم وما معه، لأن الإنسان لا يخلو عنه، فالاحتراز عن يسيره عسر دون غيره من النجاسات كالبول والغائط والمني والمذي. انتهى.

غير أن المالكية خففوا في اجتناب النجاسة في الثوب في حال المشقة كمن استنكحه الحدث فيعفى عما أصاب ثوبه منه، وكثوب المرضعة إن لم يوجد غيرها أو لم يقبل الولد سواها بعد أن تجتهد في درء البول أو الغائط بأن تنحيه عنها حال بوله أو تجعل له خرقا تمنع وصوله لها، فإذا أصابها شيء بعد التحفظ عفي عنه لا إن لم تتحفظ ومثلها الكناف والجزار. ومذهب الشافعية في هذه المسألة كما جاء في الموسوعة: أما الشافعية فقالوا بالعفو عن اليسير من الدم والقيح ونحوهما مما يعسر الاحتراز عنه. انتهى.

وأما غير الدم من النجاسات المغلظة التي لا يعفى عن يسيرها فالأصح كما في المجموع أنه يعفى عما لا يدركه الطرف منها.

 وفي الموسوعة: وصرح الحنابلة بأنه لا يعفى عن يسير النجاسة ولو لم يدركها الطرف، وإنما يعفى عن يسير الدم وما يتولد منه من القيح والصديد. انتهى.

واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أنه يعفى عن يسير النجاسات كلها، ورجح هذا القول الشيخ العثيمين في الشرح الممتع.

 وبعد هذا فاعلم أن اجتناب النجاسة في الثوب والبدن كذلك إنما يشترط مع العلم والقدرة على الراجح، فمن كانت بثوبه نجاسة يعجز عن إزالتها فإنه يصلي على حسب حاله ولا إعادة عليه على الراجح، وكذا من نسي نجاسة بثوبه أو جهلها فإن الراجح أن صلاته صحيحة ولا إعادة عليه.

 وقد بين النووي مذاهب العلماء في من لم يجد غير ثوب نجس فقال في المجموع: فرع في مذاهب العلماء فيمن لم يجد إلا ثوبا نجسا: قد ذكرنا أن الصحيح في مذهبنا أنه يصلي عاريا ولا إعادة عليه وبه قال أبو ثور وقال مالك والمزني يصلي فيه ولا يعيد. وقال أحمد يصلى فيه ويعيد. وقال أبو حنيفة إن شاء صلى فيه وإن شاء عريانا ولا إعادة في الحالين. انتهى.

وقد عرفناك ما هو الراجح عندنا، وقد بينا في الفتوى رقم: 111752، أن اجتناب النجاسة شرط مع العلم والقدرة فانظرها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات