الفوائد الربوية سبب للعقوبات الإلهية

0 184

السؤال

سألت عن الوديعة الاستثمارية في البنك الإسلامي في سوريا وتبين أن نسبة الأرباح السنوية هي بحدود 3% (غير ثابتة) ونجد أن نسبة الزكاة هي 2.5% على كامل المبلغ مع الربح. فأين نجد هنا الاستثمار، وتشغيل المال غير مأمون نتيجة الكثير من عمليات النصب. فأين هو الحل؟ وخاصة أن المبالغ التي أتحدث عنها ليست كبيرة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق أن أجبنا السائل الكريم في الفتوى: 134635.

والذي نريد التنبيه عليه هنا أن أبواب الحرام وإن كثرت وتهافت عليها أكثر الناس، فهذا لا يعني حلها، بل ولا نفعها حتى في الدنيا، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قل. رواه أحمد وابن ماجه، وحسنه ابن حجر، وصححه الألباني.

قال المناوي في (فيض القدير): أي أنه وإن كان زيادة في المال عاجلا، يؤول إلى نقص ومحق آجلا، بما يفتح على المرابي من المغارم والمهالك، فهو مما يكون هباء منثورا. { يمحق الله الربا }. اهـ.

وروى عبد الرزاق عن معمر قال: سمعنا أنه لا يأتي على صاحب الربا أربعون سنة حتى يمحق. اهـ.

فالفائدة الربوية وإن كثرت عدا، إلا أنها منزوعة البركة، مجلبة للمحق والنقمة، وهي سبب محقق للعقوبات الإلهية، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما ظهر في قوم الربا والزنا إلا أحلوا بأنفسهم عقاب الله عز وجل. رواه أحمد، وحسنه الألباني.

ثم نذكر السائل الكريم بأن الله يبتلي العباد ليميز الخبيث من الطيب، ولذلك زين لنا الدنيا لينظر كيف نعمل، وماذا نختار، وفي ذلك يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون. رواه مسلم.

فعليك -أخي الكريم- عند ما تختار أن توازن بين الدنيا الفانية والآخرة الباقية، وألا تغتر بكثرة الهالكين، ولتتذكر قوله تعالى: زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب * قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد [آل عمران:15،14].

وقوله سبحانه: اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور [الحديد : 20].

ولتعلم أن الأمر ليس بالهين، فالخطب جلل، والحمل ثقيل، والخطر جسيم، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: يأتي على الناس زمان، الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر. رواه الترمذي، وصححه الألباني.

 فلتكن من هؤلاء الذين يؤثرون الآخرة وإن كانوا قليلا، ودع عنك أمر العامة الذين يصدق عليهم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال، أمن حلال أم من حرام. رواه البخاري.

 ولا شك أن التعامل مع البنوك الربوية من أشد هذه المحرمات، بل هو من السبع الموبقات، وصاحبه ملعون محارب لله ورسوله، مستحق للعقاب الدنيوي والأخروي. فاربأ بنفسك عن مواضع الهلكة، وإن قل المال.

على أننا نبشر السائل بأن تقوى الله تعالى وإن كان تضيق على صاحبها في البداية اختبارا وامتحانا، إلا إنها توسع عليه في النهاية، وتكون خيرا في العاقبة، فقد قال الله تعالى: والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين [العنكبوت: 69].

 وقال سبحانه: ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا [الطلاق:4،3،2].

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: احفظ الله يحفظك. رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح. وصححه الألباني. وقال -أيضا- صلى الله عليه وسلم: من يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر. متفق عليه.

وقال -أيضا- صلى الله عليه وسلم: إنك لن تدع شيئا لله -عز وجل- إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه. رواه أحمد، وصححه الألباني.

وراجع لمزيد الفائدة الفتويين: 5314

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى