السؤال
عن قريب بإذن الله سأتزوج، والسكن سيكون مع والدي بإذن الله، اتفقت مع خطيبتي على نظام تعامل وفق ما تنص عليه الشريعة والحمد لله، أي لا تظهر عارية الرأس أمام غير المحارم ولا تصافح، والمقصود الأكبر هنا هما أخواي اللذان يعيشان معنا، ولكن أبي هداه الله يرى أن هذا تعقيد، فيقول لي كيف تغطي رأسها أمام إخوتك، وكيف لا تصافحهما، ويأمرها بنزع خمارها ومصافحتهما، وحقيقة احتملت الأمر احتراما له وناقشته، ولكنه مصر، وإذا تكرر الأمر مرة أخرى فلا أضمن سوف أبقى هادئا، وقد أعارض بشدة، وأبين شدتي أمام والدي، أخاف أن يؤدي هذا الأمر إلى قطيعة بيني وبينه، خاصة انه إنسان غضوب جدا ويثور بسرعة، فما العمل بارك الله فيكم؟ وما حكم الشرع في أمر كهذا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز للمرأة أن تبدي زينتها أمام إخوة زوجها أو تصافحهم فإنهم أجانب عنها، بل إن الشرع قد حذر من تهاون المرأة مع أقارب الزوج أكثر من غيرهم، فعن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو، قال: الحمو الموت. متفق عليه. الحمو: أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج، قال ابن الأعرابي: هي كلمة تقولها العرب مثلا، كما تقول: الأسد الموت، أي لقاؤه فيه الموت، والمعنى: احذروه كما تحذرون الموت.
وقال النووي رحمه الله: وإنما المراد أن الخلوة بقريب الزوج أكثر من الخلوة بغيره، والشر يتوقع منه أكثر من غيره، والفتنة به أمكن لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة بها من غير نكير عليه بخلاف الأجنبي. انتهى.. ولا حق لوالدك في أمر زوجتك بمصافحة إخوتك وكشف رأسها أمامهم، ولا يجوز لها طاعته في ذلك.
وعليك أن تبين له حكم الشرع برفق وأدب، ولا يجوز لك أن تنهره أو تغلط عليه في الكلام، فإن كان نصحك له يؤدي إلى غضبه الشديد فلتكف عن نصحه، قال ابن مفلح: قال أحمد في رواية يوسف بن موسى: يأمر أبويه بالمعروف وينهاهما عن المنكر وقال في رواية حنبل إذا رأى أباه على أمر يكرهه يعلمه بغير عنف ولا إساءة ولا يغلظ له في الكلام وإلا تركه، وليس الأب كالأجنبي.
ولكن لا يحل لك طاعته فيما يريد من كشف زوجتك شعرها أمام إخوتك ومصافحتهم، فإن الطاعة إنما تكون في المعروف.
وننبهك إلى أن الزوجة يحق لها المطالبة بمسكن مستقل، ولا يلزمها قبول السكن مع أبيك أو غيره من أقاربك، قال الكاساني: ... ولو أراد الزوج أن يسكنها مع ضرتها أو مع أحمائها كأم الزوج وأخته وبنته من غيرها وأقاربه فأبت ذلك عليه أن يسكنها في منزل مفرد لأنهن ربما يؤذينها ويضررن بها في المساكنة وإباؤها دليل الأذى والضرر. وانظر لذلك الفتوى رقم: 28860، وإذا رضيت هذه الفتاة بالسكن في بيت أبيك وإخوتك فلا بد أن يكون لها جزء مستقل بمرافقه. وانظر لذلك الفتوى رقم: 126785.
والله أعلم.