السؤال
بالله عليك, أرجو الفتوى في حالتي هذه: منذ ست سنوات كنت أعيش مع شخص نأكل و نشرب سويا, لكنه خان الصداقة واعتدى على شرفي و أنا في نوم, لست أدري هل كنت في حالة تخدير أو نوم ثقيل كل ما أعرفه أنني عندما انتبهت من نومي وجدت دما في ملابسي الداخلية، فذهبت إلى الطبيب فقال لي يوجد شرخ في فتحة الشرج، فلم أتصور أن يحدث ما حدث ، ولأنني أعمل في مهنة التدريس فخشيت أن ينتشر الخبر فتكتمت على الأمر, لكنني الآن أعاني أشد المعاناة فلست أردي ماذا أفعل ؟ هل يجوز لي الانتقام من هذا الشخص وقتله ؟ علما بأنني سألت أحد المشايخ فقال لكي تأخذ بحقك ارفع أمرك للقضاء. و أنا يا سيدي بعد هذه المدة طبعا لا أستطيع رفع أمري وإثبات وقوع الحادثة، وعندما علم أخي وواجه الشخص المعتدي أقسم له على المصحف أنه لم يفعل. و أنا ياسيدي متأكد من حدوث الاعتداء علي. فكرة الانتقام و قتل هذا الشخص تسيطر علي . أرجوك بالله عليك الإفادة ما الذي أفعله ؟ علما بأن هذا الشخص أصبح يعيش في مكان بعيد عني لكن فكرة الانتقام و قتله تسيطر علي، أقسم بالله أنني ما شعرت بشيء عندما اعتدى علي . لكن كما أسلفت لك إنني انتبهت على صوت قفزة ووجود الدم. أرجو الإفادة هل يجوز لي أخذ الثأر من هذا الخائن و قتله؟ أرجو سرعة الرد علما بأنه أفشى السر لبعض الزملاء . هذا ما شعرت به من عبارتهم. أرجوك مرة ثانية هل يجوز لي قتل هذا الخائن انتقاما لشرفي ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن اللواط انتكاسة شديدة في الفطرة، وهو من كبائر الذنوب وعظائم الآثام وشنائع الأفعال، يستحق فاعله القتل بكل حال، محصنا أو غير محصن. ويزداد الأمر شناعة إذا وقع بالوصف الذي ذكره السائل. ولكن إقامة الحدود موكولة إلى السلطان أو نائبه، ولا يجوز أن يقيمها غيرهما، ولابد لاستحقاق القتل قضاءا من ثبوت البينة. ولذلك لا يجوز للسائل أن يقدم على القتل بنفسه، وإن كان صاحبه مستحقا للقتل في حقيقة الأمر. فإن لم يتسن إثبات هذه الجريمة ببينة شرعية لدى القاضي بحيث يقام بها الحد على الجاني، فليس أمام السائل إلا أن يتصبر ويحاول تناسي هذه الوقعة، ويستأنف حياته ولا يخضع لوسوسة الشيطان وإحزانه، وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 104859، 94654، 96809 ، 42914.
وليس معنى ذلك أن الجاني لن يعاقب، فإن هذا ممتنع في عدل الله تعالى، فلا تحسبن الظالم يعيش قرير العين مع بغيه وعدوانه، فقد قال تعالى: من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا. {النساء : 123}.
وأما في الآخرة فالأمر أظهر وأعظم، كما قال تعالى: ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار * مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء. {إبراهيم:43،42}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته. ثم قرأ (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد). متفق عليه. وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء. رواه مسلم.
وأخيرا نود لفت نظر السائل إلى أن ما قلنا مبني على يقينه بوقوع الاعتداء عليه من هذا الشخص. وإنا كنا لم نفهم مما ذكر ما يبرر هذا اليقين، مع كون السائل كان نائما ولم يشعر ويشهد بعينيه شيئا، لا سيما وقد أقسم المتهم على المصحف أنه لم يفعل ذلك. فاحتمال الوهم وارد جدا. ولا يخفى أن ذلك لابد أن يكون له اعتباره عند السائل.
والله أعلم.