السؤال
طبيبة أسنان خلعت أربعة أسنان بالخطأ، وتريد أن تعرف مقدار دية كل سن إن وجدت، ولمن تعطيها إذا لم تستطع الوصول لأصحاب الحق؟
1-السن الأولى : أثناء فترة التدريب (الامتياز) في مصر خلعت سنا خطأ لشاب ولم يبد عليه غضب ثم خلعت له السن المريضة بعد ذلك ثم غادر دون أن يشتكي.
2-السن الثانية في السعودية لشابة وضعت لها جهاز تثبيت فخلع سنا من مكانها بدون قصد، فأرجعت السن الى مكانه، والمعروف في طب الأسنان أن السن إذا رجع مكانه في تلك اللحظة قد يبقى ثابتا في مكانه بجلسة تثبيت أخرى، إلا أن الشابة خلعت هذا السن برغبتها في اليوم التالي في مكان آخر ولم تفضل الحفاظ عليه.
3- السن الثالثة والرابعة في السعودية لطفل صغير خلعت له سنين لبنيتين وخرج مع السنين برعمان للأسنان الدائمة التي تحتهما، وكان المطلوب من الطبيبة ان ترجع البرعمين فورا إلى مكانهما حتى تخرج الأسنان الدائمة، وهي كانت على علم بهذا، ولكنها لم تفعل ذلك خوفا من والد الابن الذي كان يراقب ما تفعله أثناء خلع الأسنان لابنه.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالطبيب إذا جنت يده على المريض من غير قصد منه، وكان عارفا بمهنة الطب معرفة جيدة، فإنه لا يكون عليه الإثم في جنايته، لما في سنن ابن ماجه من حديث أبي ذر مرفوعا: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
وأما ضمان ما سرت عليه يده فهو ثابت، وقد كنا بينا ذلك في فتاوى سابقة، فراجعي فيه الفتوى رقم: 5178.
وبناء عليه، فإن الطبيب إذا قلع سنا غير المراد قلعها يلزمه ديتها وهي خمس من الإبل أي نصف عشر الدية. روى النسائي وأبو داود والدارمي وأحمد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في الأسنان خمس من الإبل، وفي رواية: في الأسنان خمس خمس.
وهذا إذا لم ترجع السن كما كانت، فإن رجعت كما كانت فقد اختلف أهل العلم في لزوم الدية فيها وعدم لزومها، قال ابن قدامة في المغني: فإن قلع سنه فردها صاحبها فنبتت في موضعها لم تجب ديتها، نص عليه أحمد في رواية جعفر بن محمد، وهذا قول أبي بكر، وعلى قول القاضي تجب ديتها وهو مذهب الشافعي.....اهـ
وعند المالكية مثل قول الشافعي كما قال خليل: وإن قلعت سن فنبتت فالقود، وفي الخطأ كالخطأ يعني أن نباتها لا يسقط حق المجني عليه في أخذ عقلها. ومذهب الأحناف في هذا مثل مذهب المالكية والشافعية.
ثم إن هذه الديات يجب دفعها لأصحابها إن أمكن التعرف والوصول إليهم أو إلى ورثتهم، فإن لم يمكن فليتصدق بها عنهم كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لو حصل بيده أثمان من غصوب وعواري وودائع لا يعرف أصحابها، فإنه يتصدق بها عنهم، لأن المجهول كالمعدوم في الشريعة، والمعجوز عنه كالمعدوم، وفي هذه المسألة آثار معروفة مثل حديث عبد الله بن مسعود لما اشترى جارية ثم خرج ليوفي البائع الثمن فلم يجده، فجعل يطوف على المساكين ويقول: اللهم هذه عن صاحب الجارية، فإن رضي، فقد برئت ذمتي، وإن لم يرض فهو عني، وله علي مثلها يوم القيامة. وحديث الرجل الذي غل من الغنيمة في غزوة قبرص، وجاء إلى معاوية يرد إليه المغلول، فلم يأخذه، فاستفتى بعض التابعين فأفتاه بأن يتصدق بذلك عن الجيش، ورجع إلى معاوية فأخبره فاستحسن ذلك، وذلك لأن الله سبحانه وتعالى يقول: فاتقوا الله ما استطعتم {التغابن: 16}. والمال الذي لا نعرف مالكه يسقط عنا وجوب رده إليه، فيصرف في مصالح المسلمين، والصدقة من أعظم مصالح المسلمين، وهذا أصل عام في كل مال جهل مالكه بحيث يتعذر رده إليه كالمغصوب والعواري والودائع تصرف في مصالح المسلمين على مذهب مالك وأحمد وأبي حنيفة وغيرهم. اهـ
والله أعلم.