السؤال
ما حكم قول هذه العبارة: قد يعاندنا القدر بما لا تهواه أنفسنا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فمجيء القدر أحيانا بما لا تهواه النفوس أمر لا جدال فيه، ولذلك أمرنا بالصبر عليه، ورغبنا في الرضا عنه. ومما يمكن التمثيل به لذلك ما حصل للمسلمين في غزوة بدر، حيث خرجوا للقافلة، فجمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد، قال تعالى: كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون* يجادلونك في الحق بعدما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون* وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين {الأنفال:5-7}. ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى: كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون {البقرة: 216} وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي وحسنه، وابن ماجه، وحسنه الألباني. ويبقى النظر في حكم تسمية ذلك عنادا، وهذا إنما يعرف بمعرفة معنى العناد، وهو يطلق على عدة معان، منها التباعد والانصراف، ومنها المخالفة والمعارضة، ومنها رد الحق بعد ظهوره، كما قال ابن سيده في (المحكم): العناد: أن يعرف الرجل الشيء فيأباه ويميل عنه. اهـ. ولا يخفى أن هذا المعنى الأخير لا يتأتى ولا يفهم من العبارة محل السؤال؛ كما يدل على ذلك سياقها، وإنما المراد بها معنى المعارضة والمخالفة ونحو ذلك. فكأن معناها: (قد يخالف القدر هوى النفوس). وهذا حق وواقع كما تقدم. ومن هذا الاستعمال اللغوي لمادة العناد، حديث عائشة رضي الله عنها: أن امرأة مستحاضة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل لها: إنه عرق عاند. رواه النسائي، وصححه الألباني. وعرق عاند: أي مخالف للعادة. ومع ذلك فاستعمال لفظ غير لفظ العناد في مثل هذا المعنى هو الأليق والأقرب لأفهام الناس. ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 97871. والله أعلم.