السؤال
لماذا يعد قتل النبي موسى عليه السلام معصية، فقد قتل الرجل خطأ ولم يقصد؟ وبارك الله فيكم.
لماذا يعد قتل النبي موسى عليه السلام معصية، فقد قتل الرجل خطأ ولم يقصد؟ وبارك الله فيكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن موسى عليه السلام لم يقصد قتل الرجل بدليل أنه لم يستعمل في فعله ذلك ما يقتل عادة، وإنما وكزه وكزته التي قصد بها دفع ظلمه عن ذلك الرجل، فقضت عليه، والوكزة لا تقتل عادة، وإنما يحصل بها الدفع، ولكن موسى جرى على سنن عباد الله المقربين في استعظامهم لكل ما يصدر منهم مما يشبه المعصية أو يكون خلاف الأولى، قال القرطبي - رحمه الله تعالى - في تفسيره الجامع لأحكام القرآن: (قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له) ندم موسى عليه السلام على ذلك الوكز الذي كان فيه ذهاب النفس، فحمله ندمه على الخضوع لربه والاستغفار من ذنبه قال قتادة: عرف والله المخرج فاستغفر، ثم لم يزل صلى الله عليه وسلم يعدد ذلك على نفسه، مع علمه بأنه قد غفر له، حتى إنه في القيامة يقول: إني قتلت نفسا لم أومر بقتلها. وإنما عدده على نفسه ذنبا وقال:" ظلمت نفسي فاغفر لي" من أجل أنه لا ينبغي لنبي أن يقتل حتى يؤمر، وأيضا فإن الأنبياء يشفقون مما لا يشفق منه غيرهم. قال النقاش: لم يقتله عن عمد مريدا للقتل، وإنما وكزه وكزة يريد بها دفع ظلمه. قال وقد قيل: إن هذا كان قبل النبوة. وقال كعب: كان إذ ذاك ابن اثنتي عشرة سنة، وكان قتله مع ذلك خطأ فإن الوكزة واللكزة في الغالب لا تقتل انتهى.
وقال القسطلاني في إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري معلقا على اعتذار موسى - عليه السلام - بقوله: (وإني قد قتلت نفسا لم أومر بقتلها) قال القسطلاني: يريد قتله القبطي المذكور في آية القصص وإنما استعظمته واعتذر به لأنه لم يؤمر بقتل الكفار أو لأنه كان مؤمنا فيهم فلم يكن له اغتياله ولا يقدح في عصمته لكونه خطأ، وعده من عمل الشيطان في الآية، وسماه ظلما واستغفر منه على عادتهم في استعظام محقرات فرطت منهم ... اهـ
والله أعلم.