السؤال
توفي أبي منذ ما يقرب السبع سنين، وترك لنا تركة، فكل منا أخذ نصيبه (أنا وأخوان وأخت واحدة وأمي وزوجة أبي الثانية وابنها الذي هو من أبي ووالدة أبي ولكنها توفيت بعد أبي وقالت لنا عمتي إن أمها كتبت لها تنازلا في التركة لها، مع العلم أن أمها التي هي والدة أبي كانت مريضة بالزهايمر، وفي أثناء ذلك ظهر لى بعض الرجال الذين يعملون في التأمين المصري، وقالوا لي إن أبي ترك لي مبلغا من المال مكتوبا باسمي وإن عمتي ذهبت إليهم، وعرضت عليهم الرشاوى لكي يخرجوا هذا المال لها، الذي لم أكن أنا على علم به إلا بعد ظهور هؤلاء الرجال، وحدثوني عن ذلك، وساعدوني في استرجاع الدفتر، وبعد ذلك سمعت من عمتي تقول إن هذا المال ليس لي إنما لكل الورثة، وإن لكل وريث حقه في هذا الدفتر، ووجدت أنها جاءت بشاهد زور، وكان لأبي مصنع ملابس به ماكينات، فجاءت بهذا الشاهد لكي يشهد أن هذه الماكينات ليست ملكا لأبي، وذلك لكي تعطي ثمنها لابن زوجة أبي الثانية، وهو أخي غير شقيق، على ظنه أنها تفعل الحق، وبالفعل قد فعلت ذلك.وكنت قد حلمت حلما أو رؤيا - والله أعلم بها - أني قد التقيت بأبي وسألته عن هذا الدفتر الذي كتبه باسمي فقد جاءني بفوطتين بيضاوين وقال لي هذه هنا وهذه هنا.فما رأيكم هل أحتفظ به أم أقسمه؟ وماذا إذا قسمته فكيف يكون التقسيم ؟وأحيط حضرتكم علما بأن هذا الدفتر جاءني وأنا عندي 13 سنة، وأنه في تزايد مستمر في الفائدة، فأنا كنت قاصرا ومازلت قاصرا لبعض الشهور، سني الآن(20 سنة و8 شهور ) حتى أخرج من الوصايا التي فرضتها المحكمة وذلك بإتمام 21 سنة. فهل إذا أخذت الفائدة علي وزر ؟وهل إذا قسمت المال بين إخوتي أقسمه بالفائدة أم من غيرها ؟ وهل يجوز أن آخذ الفائدة وأقسمها بين إخوتي إن جاز ذلك لمساعدة أخي في التزوج، وأنا أيضا لمساعدة نفسي، وأنا عندي أموال أخرى غير الدفتر، لكنها ليست كافية.وأبي كتب لأختي دفتر مال أيضا بمبلغ أقل بأضعاف مما كتبه لي فهل يقسم أم نتركه لها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعدل بين الأولاد ـ ذكورا كانوا أو إناثا ـ في الهبة واجب شرعا، ولا يجوز تخصيص أحدهم بشيء من ذلك دون مسوغ شرعي، فإن فعل ذلك فالهبة باطلة وترد إلى التركة بعد مماته، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: يجب عليه أن يرد ذلك في حياته كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضا طاعة لله ولرسوله، ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل؛ بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به اهـ. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 107734.
وعلى هذا فما كتب الوالد لك أو لأختك الشقيقة يرد إلى مجموع التركة ويقسم معها، وهذا إنما يكون في رأس المال، وأما الزيادة الربوية فهي محرمة لا يجوز تملكها، وإنما تصرف في أوجه الخير والبر وتنفق على الفقراء والمساكين، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 132139.
وإذا كان الورثة أو بعضهم فقراء، فهم كغيرهم من الناس في إمكان الانتفاع بهذه الفوائد الربوية؛ فيأخذون منها بقدر حاجاتهم، لا بحسب أنصبتهم في التركة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 35958.
هذا، وننبه على أن دعوى عمتك أن جدتك قد كتبت لها تنازلا عن تركتها، لابد من النظر فيها، فإن مرض الزهايمر هو الخرف الذي تحدث عنه الفقهاء. فإن اشتد هذا المرض بصاحبه بحيث صار ملازما له لا ينفك عنه فلا تصح تصرفاته من بيع أو شراء أو هبة أو نحو ذلك.
وأما إن كان يعتريه أحيانا ويفارقه أخرى، فلا يجوز من تصرفاته إلا ما صدر حال وعيه وتمام تمييزه، وراجع في ذلك الفتويين: 117596 ، 37606.
وكذلك إذا صدر ذلك من جدتك في مرضها الذي ماتت فيه، فإنه لا يترتب عليه تملك ابنتها لتركتها، فإن الهبات في المرض الذي يموت فيه الواهب حكمها حكم الوصايا، والوصية للوارث لا تجوز، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 105185.
ثم لا يخفى أن دفع الرشوة والإشهاد بالزور لغرض أكل أموال الناس بالباطل من كبائر الذنوب وعظائمها. وعلى أية حال فمثل هذا المسائل المتعلقة بالتركات والحقوق المشتركة ينبغي رفعها للمحاكم الشرعية للبحث وتدقيق النظر فيها، لإحقاق الحق وإيصاله لأصحابه.
والله أعلم.