السؤال
هل الصراصير نجسة أم طاهرة؟ وهل يفرق بينها وبين الصراصير التي تعيش في الخلاء (وهل تعتبر الصراصير من ما لا دم سائل له)؟ من قتل صرصور على جسده ولو كان كبيرا وصلى صلاته صحيحة أم باطلة ؟
هل الصراصير نجسة أم طاهرة؟ وهل يفرق بينها وبين الصراصير التي تعيش في الخلاء (وهل تعتبر الصراصير من ما لا دم سائل له)؟ من قتل صرصور على جسده ولو كان كبيرا وصلى صلاته صحيحة أم باطلة ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فلا شك في كون الصراصير مما لا دم له سائل، وهي طاهرة حال الحياة، فإنها مما دون الهر في الخلقة. وقد قال ابن قدامة في المغني في سياق أنواع الحيوان الطاهر: الضرب الثالث: السنور وما دونها في الخلقة كالفأرة وابن عرس فهذا ونحوه من حشرات الأرض سؤره طاهر يجوز شربه والوضوء به ولا يكره، وهذا قول أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين من أهل المدينة والشام وأهل الكوفة وأصحاب الرأي إلا أبا حنيفة فإنه كره الوضوء بسؤر الهر فإن فعل أجزأه. انتهى.
وعلى هذا فإن هذه الصراصير إذا وقعت على بدن المصلي أو ثوبه وهي حية لم يضره ذلك إلا ما كان من الخلاف في صراصير الكنف وسيأتي.
وأما ما مات منها فهو داخل في خلاف العلماء في ميتة ما لا دم له سائل، ومذهب الجمهور أن ميتة ما لا نفس له سائلة طاهرة خلافا للشافعي رحمه الله.
قال ابن قدامة في المغني: وكل ما ليس له دم سائل كالذي ذكره الخرقي من الحيوان البري أو حيوان البحر منه العلق والديدان والسرطان ونحوها لا ينجس بالموت ولا ينجس الماء إذا مات فيه في قول عامة الفقهاء. قال ابن المنذر: لا أعلم في ذلك خلافا إلا ما كان من أحد قولي الشافعي قال : فيها قولان أحدهما ينجس قليل الماء قال بعض أصحابه : وهو القياس. والثاني لا ينجس وهو الأصلح للناس، فأما الحيوان في نفسه فهو عنده نجس قولا واحدا لأنه حيوان لا يؤكل لا لحرمته فينجس بالموت كالبغل والحمار.
ولنا : قول النبي صلى الله عليه و سلم : إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليمقله فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء. رواه البخاري و أبو داود. وفي لفظ: اذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه فإن في أحد جناحيه سما وفي الآخر شفاء. قال ابن المنذر : ثبت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ذلك. قال الشافعي : مقله ليس بقتله قلنا : اللفظ عام في كل شراب بارد أو حار أو دهن مما يموت يغمسه فيه فلو كان ينجس الماء كان أمرا بافساده. انتهى.
وعلى قول الجمهور الذي هو الطهارة فإنه لا يضر المصلي موت شيء من هذه الصراصير على شيء من بدنه أو ثوبه وإن لم يزله لكونها طاهرة، يستثنى من ذلك ما كان متولدا من نجس كصراصير الكنف، على القول بأن النجاسة لا تطهر بالاستحالة، وسواء في ذلك الحي منها والميت، وأما على القول بأنها تطهر بالاستحالة فصراصير الكنف محكوم بطهارتها.
قال في مطالب أولي النهى: ولا تطهر ( باستحالة فمتولد منها كدود جرح وصراصير كنف ) جمع : كنيف وكالكلاب تلقى في ملاحة فتصير ملحا ( نجس ) كالدم يستحيل قيحا. انتهى.
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: ومفهوم قوله: متولد من طاهر، أنه إذا تولد من نجس فهو نجس، وهذا مبني على أن النجس لا يطهر بالاستحالة. وأما على قول من يقول: بأن النجس يطهر بالاستحالة فإن ميتته طاهرة؛ وعليه فلا يشترط أن يكون متولدا من طاهر. فصراصير الكنف (المراحيض) ـ على المذهب ـ نجسة؛ لأنها متولدة من نجس، وعلى القول الثاني طاهرة. انتهى.
فعلى القول بنجاستها يجب على المصلي اجتنابها في بدنه وثوبه لأن وجودها في بدن المصلي أو ثوبه مانع من صحة الصلاة، وأما على القول بطهارتها فالحكم واضح، فهذا تفصيل الكلام في أمثال هذه الحشرات في أحوالها المختلفة.
والله أعلم.