ليس كل من فعل محرما وقع في الكفر

0 279

السؤال

قبل شهر تقريبا أرسلت إليكم السؤالرقم : 2264597 ولم يصلني إلى الآن أي جواب . أرجو الرد علي في أقرب الآجال فأنا أعيش في حيرة وأحتاج لنصيحة الشيخ. وقد كان نص السؤالالسلام عيكم ، في البداية أشكركم على هذا الموقع المتميز وأطلب منكم أن تعرضوا أسئلتي على الشيخ كما أطلب منكم أن تسامحوني على الإطالة وأن تجيبوا عن أسئلتي كاملة فإنني أعاني من الوسواس معاناة شديدة.بدأت الوسوسة عندي قبل البلوغ فكنت أسب الله ثم أقول لنفسي أنا أقصد شيئا آخر هل كفرت بذلك إذا كان هناك احتمال ضعيف أنني سببت الله أو الدين بعد البلوغ ؟طلب مني أبي مرة أن أضيف إلى لائحة القنوات الموجودة عندنا في الجهاز الرقمي للتلفاز قناة شيعية اسمها (العالم) ففعلت. هي في الحقيقة قناة إخبارية تعرض أحيانا خطابات (حسن نصر الله) وقد قال لي مرة أحد أصدقائي أنه سمع حسن نصر الله يقول بأنه يعدل آية من القرآن أو شيئا من هذا القبيل. كما أنها تنتقد السلفية والوهابية وتصفهم بأنهم يساندون الإرهاب و أنا أخشى أن يتأثر بذلك بعض أفراد الأسرة و يصدقوا ذلك خاصة ما يقولونه عن السلفية والوهابية . هل أنا كافر إذا صدقوا ذلك؟ كما أخشى أن تكون تسب الصحابة كمعاوية عندما أكون غير موجود ويتأثر بذلك بعض أفراد الأسرة . وهل أنا كافر حتى أمحو هذه القناة؟مرة طلب مني أبي أن أصلي معه المغرب جماعة وكنت آنذاك على جنابة وكان قد مر على الأذان ١٥ دقيقة. فقلت له إن المغرب مازالت حاضرة ولكن لا يجوز أداءها جماعة بعد ١٥ دقيقة وذهبت غرفتي متظاهرا أنني سأصلي. فهل كفرت بذلك لأنني حرمت الحلال علما أنني أظن أنني بعدها قد صليت معه المغرب جماعة في مرات أخرى بعدها بعد مرور ١٥ دقيقة أو أكثرعلى الأذان كما أظن أنه قد نسي ما قلته له في تلك المرة؟ وهل أبقى كافرا حتى أخبره بالحقيقة؟ في الباكالوريا ، درسنا الفلسفة عند أستاذ متأثر بالعلمانية و قال بعضهم إنه ملحد . و في آخر السنة طلب مني هذا الأستاذ أن أعطيه كراسي علما بأننا قد كتبنا فيه أشياء مخالفة للدين كالحديث عن نظرية فرويد وماركس التي كان يتكلم الأستاذ عنها بحماس كبير.كما أملى علينا كلاما فيه تلميح لانتقاد السلفية كتبته على الكراس ولم أكن أدري آنذاك ما هي السلفية. هل أنا كافر بذلك ؟ وإن كنت كذلك هل أظل على الكفر حتى أسترد الكراس منه؟مرة سمعت نكتة تقول إن أحد شيوخ السعودية جاء لتونس فسمع كلمة خبيثة فسأل عن معناها فقالوا له كل حرف منها يرمز لشيء فحرف التاء يرمز للتوبة . عندها أعجبته وبدأ يرددها . لما سمعت النكتة ضحكت . هل كفرت بذلك؟ وهل يكفر من قال عن شخص اسمه حمدون ''هو على وزن ....." ثم قال كلمة خبيثة؟لما كنت صغير(قبل البلوغ ) كنت أتفرج على البوكيمون وبعد مدة سمعت إشاعات من نوع أن بعض الكلمات كبوكيمون أو بيكاتشو ترمز إلى أنا يهودي ونحو ذلك فصدقت هذه الإشاعات ولكني بعد مدة عدت إلى قول هذه الكلمات وتجنبت فقط تلك التي ظننت أن فيها سبا لله وواصلت على هذا النحو حتى بعد البلوغ وربما كنت عند تلفظي بهذه الكلمات أشك في صحة هذه الإشاعات كما أنني تفرجت في أحيان قليلة على البوكيمون وقبل أيام قرأت في هذا الموقع المبارك عدم صحة هذه الإشاعات .هل كفرت لأنني كنت قد قلت كلاما أظنه كفرا علما أنني عندما قلته لم أكن أتوقع أبدا أن قول ذلك قد يؤدي للكفر؟ قد أفعل أشياء هي في الواقع حرام ثم أتساءل هل فعلها كفر كتلك الأمثلة العديدة التي سألت عنها هل هي كفر فأنا في الواقع أدرك أنها حرام . هل أبقى أسأل في كل مرة هل هي كفر علما أنني إنسان موسوس؟ولو فرضنا أنني قلت قبل سنوات ما هو كفر كاستهزاء بالدين ونحو ذلك دون أن أشعر أنه كفر وذلك أمام أشخاص. هل أظل كافرا حتى أخبرهم أن ما قلته خطأ؟ وهل هناك معصية تؤدي إلى الكفر و يشترط في إسلام صاحبها شيء آخر غير النطق بالشهادتين؟
وهل يصح دخول شخص في الإسلام و النطق بالشهادتين وهو مصر على بعض المعاصي (كتأخير الصلاة وقضاؤها بعد انتهاء وقتها الضروري بسبب الدراسة أو الخروج مع أفراد الأسرة) ؟ و هل يصح دخول شخص في الإسلام و النطق بالشهادتين و جسمه أو ملابسه متسخة (أحيانا أشك هل فعلت ماهو كفر وأكون آنذاك بالقسم فأقول الشهادتين وأنا أحمل المفتاح الذي أظنه متنجسا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يصرف عن السائل الكريم كيد الشيطان ووسوسة الصدر. فإن ما ذكره لا يعدو حدود الإثم كبيرا كان أو صغيرا، وفرق هائل وبون شاسع بين ذلك وبين الكفر، فليس كل من فعل محرما وقع في الكفر، بل ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه، وقد سبق أن بينا ذلك مع بيان ضوابط التكفير وخطر الكلام فيه، وأن من ثبت إسلامه بقين فلا يزول بالشك، وذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 721، 8106، 106396، 53835.  

وطالما أن السائل الكريم يعلم أنه يعاني من الوسوسة، فليبادر لعلاجها وليجتهد في ذلك ويشغل به نفسه، ولا يسترسل معها بل يطرحها عن ذهنه وينتهي، ويستعيذ بالله منها ومن شرها، ولا يجعل للشيطان عليه سبيلا. فإن الوسوسة مرض شديد وداء عضال، والاسترسال معها يوقع المرء في الحيرة والشك المرضي، والضيق والحرج الشرعي، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: هلك المتنطعون. رواه مسلم.

 قال النووي: أي المتعمقون الغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم اهـ.

وقد تقدم لنا بيان سبل التخلص من الوسوسة وعلاجها في عدة فتاوى، منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 70476 ، 48325 ، 60628 ، 51601.

وأما قول السائل: (هل هناك معصية تؤدي إلى الكفر ويشترط في إسلام صاحبها شيء آخر غير النطق بالشهادتين) فجوابه: أن كل أسباب الكفر والردة يصح إسلام صاحبها بالتوبة منها والنطق بالشهادتين.

 فهذا يكفي للحكم بإسلامه، ولكن قد يوجد بعض الأمور لا تخلو ذمة صاحبها من الإثم وإن كان إسلامه صحيحا إلا بفعل ضدها، كمن كتم شيئا من الشريعة وبدله ونسبه لله تعالى؛ ليضل الناس بغير علم، فلابد في توبته من بيان الحق للناس ما دام قادرا على ذلك، كما قال تعالى: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون * إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم* {البقرة:159، 160}.

وأما قول السائل: (هل يصح دخول شخص في الإسلام والنطق بالشهادتين وهو مصر على بعض المعاصي .. وهل يصح دخول شخص في الإسلام والنطق بالشهادتين وجسمه أو ملابسه متسخة ؟) فجوابه: أن الإسلام يصح في كلا الحالين، أما الأولى فقد سبق أن بينا أنه لا تلازم بين الإصرار على المعصية وبين الكفر، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 130184. وأما الحال الثانية فهي أظهر من التعليق عليها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة