الأخذ بقول الجمهور في القصر والجمع أحوط

0 291

السؤال

سبق أن أرسلت لكم هذا السؤال وكانت هذه إجابتكم:
أنا إنسان بصراحة أميل إلى الحرص على الأخذ بالرأي الأحوط في أي مسألة خلافية اختلف فيها العلماء كالجمع والقصر في السفر، خصوصا إذا ذهبت إلى إحدى المحافظات القريبة من الرياض كمحافظة حريملاء وأريد أن لا أدقق هل هذا في عرف الناس سفر أم لا؟ وكذلك مسافة الأخذ برخص السفر تقريبا 83 كيلو مترا التي ذكرها بعض العلماء وأنا أحاول أن أدرب نفسي على اليسر في الدين خصوصا أنه يصيبني شيء من الوسوسة في عباداتي، وأنا أحاول تحاشي الذهاب للسفر أو من أسباب ترددي في أني أسافر مع ناس إلى محافظة كمحافظة حريملاء وغيرها لأنهم إذا ذهبوا أحيانا يجمعون ويقصرون، وأحدهم يقول اجمع واقصر لو تجلس شهرا عند الناس الذين ذاهب أنت لهم رغم أنه يوجد مسجد قريب، و نذهب أحيانا إلى بر هذه المحافظة للتنزه، ورغم أنني أحرج عندما يقولون سوف نجمع ونقصر وأضطر أحيانا أن أجمع وأقصر وأكون أنا إمامهم ثم بعد ذلك إذا رجعت للبيت الذي في المدينة التي أنا مستقر فيها(مدينه الرياض ) أعيد تلك الصلاة أو الصلوات التي جمعتها، ورغم أننا في الغالب نمكث يوما أو يومين إلا في بعض المناسبات كالعيد فإننا نمكث تقريبا أسبوعا. فالذي أريد أن أسأله: سوف أعزم على تطبيق رخصة الجمع والقصر في الصلاة ولن أدقق كم تبعد تلك المحافظة هل وصلت ثلاثة وثمانين كيلو مترا أو أن الناس في عرفهم سفر أم لا وأريد أن أتخلص أو أخفف من الأحوط في العبادات إذا كان الأمر فيه اختلاف لكن أخشى أن ينطبق علي أنني أتتبع الرخص ولا تقبل عباداتي خصوصا الصلاة المفروضة؟
الفتوى:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك في أن احتياط المرء لدينه وعمله بالقول الذي به يخرج من خلاف العلماء من الأمور الحسنة التي يحمد صاحبها لدلالته على الورع، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم ابن بنته الحسن رضي الله عنه بقوله: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. وشرع صلى الله عليه وسلم لأمته اتقاء الشبهات فقال: ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. متفق عليه، ويتأكد هذا الأمر -وهو الأخذ بالأحوط- إذا كان الخلاف قويا وكانت الأدلة في المسألة متكافئة.
ولكن على المسلم أن يتوسط فلا يقوده هذا الاحتياط إلى التنطع والدخول في حد الوسوسة، وهذه المسألة -التي كثر منك السؤال حولها- من المسائل التي يتأكد فيها الأخذ بالأحوط لمن لم يترجح له قول من الأقوال، ووجه ذلك أن جمهور العلماء يرون أن القصر سنة ومن أتم في السفر فصلاته صحيحة، وأما الجمع فهو رخصة تركها أولى، فإذا قصرت وجمعت في هذه المسافة المختلف في كونها سفرا كانت صلاتك باطلة عند الجمهور إذا لم تبلغ المسافة المعتبرة وهي أربعة برد أو ما يساوي ثلاثة وثمانين كيلومترا تقريبا، وإذا أتممت فصلاتك صحيحة عند الجميع، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنك تقول إنك ستقصر دون أن تتحرى هل بلغت المسافة ما هو معتمد عند الجمهور أو هل هذا سفر عرفا أو لا؟ فبقول من إذن ستعمل؟ اعلم أيها الأخ الكريم أنه لا يجوز لك الترخص برخص السفر إلا إذا تحققت من توافر الشروط المعتبرة لإباحة الترخص، وأما الإعراض عن ذلك بزعم التخفيف أو نحو ذلك فلا يسوغ، فإن كنت ترى رجحان القول باعتبار العرف وكنت من أهل الترجيح أو تقلد من يفتي بذلك فلك الأخذ بقوله شريطة أن تتحقق من وجود الشرط وهو كون هذه المسافة تعد سفرا في العرف، وإن اختلف العرف أو لم ينضبط فقد نص الشيخ العثيمين وهو ممن يرجح الرجوع في هذا إلى العرف على أنه يرجع في هذه الحال إلى المسافة المعتبرة عند الجمهور وانظر الفتوى رقم: 136550، وأما ما ذكرته من تحرجك من مخالفة الجماعة فليس ذلك بعذر يبيح لك الترخص حيث لم توجد شروطه، بل إنك تذكر لهم مذهبك في المسألة وأنك تقلد فيها الجمهور مثلا، فإن وافقوك فبها، وإلا فصل أنت الصلاة لوقتها تامة.
والله أعلم.
لكن استفساري هو أني سألت إمام المسجد وقلت له عن هذه المحافظة هل تعتبر سفر فقال لي أهم شيء العرف، وقال لي هل ترى أنها سفر فقلت ما أرى -خصوصا أنني أحب الحيطة في الأمور لكن في نفس الوقت أريد الاعتدال-فقال خلاص. فقال لي وهو يتكلم عن نفسه فقال أنا من ناحيتي أرى أنها سفر فقلت له يعني تجمع أنت وتقصر؟ نعم. فقال أنا أفتي لنفسي وكررت له تجمع وتقصر فقال لا أقصر لأن الجمع يكون في أثناء السير أم إذا رحت عند ناس في تلك المحافظة ففهمت بتلميح أن أقصر دون جمع وقلت طيب لو جمعت فقال بإجابه مترددة ولو جمعت عادي فقال الذي افتي به لنفسي أنه يعتبر سفر.
سؤالي: لو أخذت بكلام هذا الإمام فأعتبر أنه سفر فجمعت وقصر الصلوات التي تجمع وتقصر حتى لو مكث هناك شهرا رغم أن المسجد قريب من بيت هؤلاء الناس الذي أنا ذاهب لهم، وأنا أحاول أن أروض نفسي على عدم التنطع والتشدد بل لابد من الاعتدال؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد بينا لك في أجوبتنا السابقة أن الأخذ بقول الجمهور في هذه المسألة هو الأحوط، وأن هذا الاحتياط ليس تشددا ولا هو بموقع في التنطع بل هو أبرأ للذمة وأدعى لسلامة العاقبة إن شاء الله، وبينا لك أيضا أنك لو أخذت بقول أحد العلماء الثقات في هذه المسألة فلا حرج عليك، فإن كان هذا الإمام من أهل العلم المعروفين به وأفتاك بما أفتاك به فلا حرج عليك في اتباع قوله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة