السؤال
بعد الصلاة على النبي، هل يجوز للمرابط الأكل من البيت اللذى بجواره، مع العلم أنه في مناطق بعيدة، ولا يدخله أهله إلا قليلا بسبب الخطر الذى هناك، وفيه ماء وغيره مما يلزمنا، فهل يجوز لنا الأكل منه؟ وهل يجوز لنا الأكل من الشجر الذي حولنا مع العلم أنه ملك لأحد السكان؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل أنه لا يجوز الانتفاع بشيء من أموال المسلمين إلا بإذنهم، فقد خطب النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع في أيام التشريق فقال: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه .. ألا لا تظلموا ألا لا تظلموا ألا لا تظلموا؛ إنه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد، وحسنه الألباني. وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. رواه مسلم.
ويستثنى من ذلك الأكل من البساتين والشرب من ألبان الماشية، بعد أن ينادي صاحبها ثلاث مرات، فإذا لم يجب أكل وشرب، من غير أن يتزود أو يحمل شيئا، كما سبق بيانه في الفتويين: 51744، 114476.
وقد فصل هذه المسألة الإمام ابن القيم في (تهذيب سنن أبي داود) عند شرح حديث: "إذا أتى أحدكم على ماشية فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه، فإن أذن له فليحتلب وليشرب، فإن لم يكن فيها فليصوت ثلاثا فإن أجابه فليستأذنه وإلا فليحتلب وليشرب ولا يحمل".
ثم لا يخفى أن ذلك في غير حال الضرورة، وأما من اضطر لأكل مال غيره فلا إثم عليه؛ دفعا لضرورته.
جاء في (الموسوعة الفقهية): من غلب على ظنه هلاك نفسه، ولم يجد إلا ميتة أو نحوها من المحرمات، أو مال الغير، لزمه الأكل منه بقدر ما يحيي نفسه، لقوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} وقوله تعالى: {فمن اضطر غير باغ } أي على مضطر آخر { ولا عاد } أي سد الجوعة فأكل { فلا إثم عليه }. قال الزركشي: وينبغي أن يكون خوف حصول الشين الفاحش في عضو ظاهر، كخوف طول المرض كما في التيمم. واكتفى بالظن كما في الإكراه على أكل ذلك، فلا يشترط فيه التيقن ولا الإشراف على الموت اهـ. وللمضطر أن يأكل ما يسد الرمق أي ما يحفظ الحياة ... قال القرافي في الذخيرة : وإذا أكل مال مسلم اقتصر على سد الرمق، إلا أن يعلم طول الطريق فليتزود، لأن مواساته تجب إذا جاع. اهـ.
والله أعلم.