كيف يتصرف من ورث مالا وشك في أن جزءا منه من كسب محرم

0 301

السؤال

سؤالي بخصوص مال وضعه لي والدي في البنك قبل وفاته، ينقسم إلى شقين.
أولا: هذا المال وضعه أبي في صورة وثائق في صندوق تابع لبنك إسلامي هنا في مصر، وهذه الوثائق تضارب في البورصة، على الرغم من أن البنك إسلامي، إلا أننا علمنا أن الشيخ محمد يسري قال بأن البورصة في مصر جميعها حرام، فقررت أن أسحب المال من هذه الصناديق بناء على هذا الرأي، لكن ما حدث هو كالآتي: عندما اشترى أبي هذه الوثائق كان سعر الوثيقة في حدود 110 أو 120 جنيها، ثم مع مرور الوقت خسرت الوثائق ليصل سعرها إلى حوالي 60 جنيها، وعندما بعتها كان سعرها وقتئذ حوالي: 90 جنيها، فعلى اعتبار القول بحرمة التعامل في البورصة المصرية، هل هذه الزيادة التي حصلت في سعر الوثائق مؤخرا يعد حراما علي الانتفاع بها؟ أم أنها تعتبر استعادة لجزء من مالي الأصلي، وفي النهاية مازال سعر 90 جنيها أقل من السعر الذي اشترى أبي به الوثائق.
الشق الثاني من السؤال: هو أنني أشك بأن جزءا من المال الأصلي ـ الذي اشترى أبي به الوثائق بداية ـ كان من مال ربوي ربحه عند نهاية مدة شهادات استثمارية.
وأريد أن أطهر المال من شبهة وجود هذا المال الربوي، وهو مبلغ كبير جدا، فهل يحق لي أن أعتبر الخسارة التي حدثت ـ وهي الفارق بين السعر الذي اشترينا به والسعر عند البيع ـ يتضمن هذا المال الربوي؟ أو عند ثبوت عدم الجواز لي بالانتفاع بالزيادة الحاصلة في سعر الوثائق ـ من 60 إلى 90 جنيها، فهل يجوز لي أن أخرجها في المصالح العامة وأعتبر أصل المال الربوي جزءا منها ـ وهي تقريبا نفس القيمة؟ أم علي أن أخرج هذا الجزء الربوي منفصلا عن كل هذا؟.
في انتظار جوابكم المفصل وفتواكم لي فيما يخص هذا الأمر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
 

فبالنسبة للشق الأول من السؤال، إذا كانت السائلة تعتقد حرمة التعامل في البورصة المصرية، لعدم إمكانية اجتناب المخالفات الشرعية، فيجب عليها الكف عن ذلك وسحب أموالها فورا، وإن كان سعر هذه الوثائق يوم بيعها مساويا أو أقل من رأس المال الأصلي، فلا حرج في الانتفاع به كله، بغض النظر عن تقلب الأسعار قبل ذلك، وراجعي للفائدة الفتويين رقم: 3099 ورقم: 8440.

وأما الشق الثاني من السؤال: فمبنى جوابه على حصول الشك أو اليقين في أصل هذا المال، فإن كان لا يعدو الشك، فيبقى الحكم على الأصل وهو حل مال المسلم، وراجعي في ذلك الفتاويين رقم: 39445، ورقم: 57974.

وأما إن حصل يقين بحرمة المال كله، فإنه لا يجوز للوارث الانتفاع به حينئذ، ويجب عليه إنفاقه في أوجه البر وأبواب الخير والمنافع العامة وراجعي ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 35958، 9712 ، 103861.

وأما إن كانت الحرمة محصورة في نسبة معينة من المال الموروث، فيجب ذلك في هذه النسبة فقط، وينتفع الوارث بباقي المال.

فإن كان العلم حاصلا بحرمة نسبة من المال يجهل قدرها، اجتهد الوارث في تقدير ذلك وعمل باجتهاده، قال النووي في المجموع: من ورث مالا ولم يعلم من أين كسبه مورثه؟ أمن حلال أم حرام؟ ولم تكن علامة فهو حلال بإجماع العلماء، فإن علم أن فيه حراما وشك في قدره أخرج قدر الحرام بالاجتهاد.هـ.

وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 69744، فإن خفي الأمر تماما ولم يمكن الاجتهاد في تقدير ذلك، فلا بأس أن بجعل المال نصفين، فيورث نصفه ويخرج نصفه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: أما القدر الذي يعلم الولد أنه ربا فيخرجه، إما أن يرده إلى أصحابه إن أمكن، وإلا تصدق به، والباقي لا يحرم عليه، وإن اختلط الحلال بالحرام وجهل قدر كل منهما، جعل ذلك نصفين. هـ. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 9616.

ثم ننبه على أنه لا يصح أن تجعل الخسارة التي حصلت بالبيع في مقابل الجزء الواجب إخراجه لتطهير المال، بل هذا يجب إخراجه من جملة المال بحسب نسبته. فمثلا: لو كان قدر الحرام يساوي الثلث، فبعد البيع يجب إخراج ثلث المبلغ الحاصل بالكامل.

الله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة