على المرء الأخذ بأسباب دخول الجنة

0 266

السؤال

في الحقيقة أنا شاب غير مسلم، وما دفعني لطلب الفتوى هو مروري هذه الأيام بحالة روحانية رائعة أشعر بأني أقترب فيها كثيرا من الإسلام، والسبب الرئيس في ذلك هو سماعي لأحد المواد التي كانت تحتوي على قصص مجموعة من الفنانات السابقات يسردن فيها كيفية اتجاههن إلى التوبة، وقد وجدت نفسي مشدودا بقوة إلى قصة معينة من تلك القصص وأثرت في جدا، بل إنها زلزلت كياني، لقد كان صوتها وهي تحكي قصتها مفعما بالطهر والملائكية وعلمت بعد ذلك أن صاحبة هذه القصة ماتت.
سؤالي هو: هل إذا هداني الله إلى الإسلام وكتب لي الجنة، هل يمكن أن أكون زوجا لهذه المرأة في الجنة، علما بأنها كانت متزوجة في الدنيا؟ وإذا كان هذا غير ممكن فهل أستطيع على الأقل رؤيتها في الجنة؟ أرجو ألا يؤخذ سؤالي على محمل السخرية والاستهزاء فأنا جاد جدا، وأعلم جيدا ما أقول كما أرجو ألا يفهم من سؤالي أنني أريد اعتناق الإسلام لأجل هذه المرأة. فالله أكبر وأجل من ذلك. وقد كنت سابقا مسلما وأعلم جيدا عظمة الإسلام، ولم يدفعني إلى الارتداد عنه سوى أسباب شخصية تتعلق بي أنا، ولا تتعلق بالإسلام ذاته. وإذا كان الله قد كتب لي أن أعود فسوف أعود لأجل الله، وليس من أجل أحد من مخلوقاته.
لكن من الطبيعي إذا كتب الله لي ذلك بسبب إنسانة معينة، فلا بد أن أتعلق بها، وأتمناها في الجنة.
أرجو أن تكون الفكرة وصلت. وأن يتم الاهتمام بسؤالي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن المرأة تكون في الجنة لزوجها في الدنيا إذا دخل معها الجنة، وإن لم يكن في درجتها. وإن تزوجت بأكثر من زوج في الدنيا فإنها تكون لآخرهم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 2207 .

وأما ما يتعلق بالرغبة التي ذكرها السائل، فإننا نطمئنه بأن أهل الجنة لا يمكن أن يحرموا مما يشتهون فضلا عما يطلبون، فكل واحد من أهلها ينال فيها ما يتمناه وزيادة، كما قال تعالى: لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد. {ق: 35}. وقال سبحانه: فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون. {الزخرف:71}.

 وأتى رجل للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أحب الخيل، أفي الجنة خيل؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أدخلت الجنة أتيت بفرس من ياقوتة، له جناحان فحملت عليه، ثم طار بك حيث شئت. رواه الترمذي، وحسنه الألباني بشواهده. حتى إن من تصيبه النار من عصاة الموحدين ثم يؤذن له بعد ذلك بالخروج منها ودخول الجنة، عندها يقول الله عز وجل له:  تمن. فيتمنى حتى إذا انقطع أمنيته، قال الله عز وجل: من كذا وكذا ـ أقبل يذكره ربه ـ حتى إذا انتهت به الأماني قال الله تعالى: لك ذلك ومثله معه. رواه البخاري ومسلم. وراجع للفائدة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 137313، 122473، 127571.

وعلى ذلك، فالجدير بالمرء أن يتوجه باهتمامه كله إلى تحقيق سبب دخولها، ولا ينشغل بما بعد ذلك، فإنه لن يجد فيها إذا دخلها إلا ما يسره.

ولا يخفى على السائل أن الجنة حرام على أهل الكفر والشرك، فلا يدخلها إلا نفس مسلمة، قال تعالى: إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار.{المائدة : 72}.

 وقال سبحانه: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا. [النساء: 116]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة. متفق عليه.

ويتأكد هذا في حق المرتد حيث عرف الحق ثم أعرض عنه، فقد قال الله عز وجل: إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا. {النساء: 137}.

 وقال: إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون*إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين.  {آل عمران: 91،90}.

فليبادر السائل الكريم إلى التوبة والرجوع إلى الإسلام، فإنه لا يدري متى يأتيه الأجل، وليس هناك بحمد الله ما يحول بينه وبين الله تعالى، وأما المسوف والمتردد فإنه يخشى عليه أن يحال بينه وبين التوبة، والعياذ بالله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة