اختيار المريض أن لا يتم إنقاذ حياته على يد الطبيب

0 254

السؤال

أنا أعمل ممرضا في كندا. هناك قانون يخول للمريض أن يختار بأن لا يتم إنقاذ حياته في حالة وعكة صحية تمر به في المستشفى. ومع هذا الاختيار لا يسمح للطبيب أو الممرض بإمداد المريض بالإسعافات كالأكسيجين أو إسعاف القلب بالنبضات الآلية أو أي نوع من التدخل، وترك المريض يموت بسلام كما يقولون.هل بموافقتي على هذا القانون أكون آثما، مع العلم أني تعرضت لهذا الموقف مرة واحدة و كنت المسؤول عن المريض وقرر الطبيب ترك المريض دون تدخل من الفريق الطبي.هل علي كفارة و هل أكون شريكا بذنب؟ الرجاء إجابتي مع العلم أني أحاول العمل في بلاد مسلمة في الخليج ولم أتلق أي موافقة من السعودية أو أي بلد آخر لأنجو بديني وأسرتي من بلاد الكفر ولم أترك وسيلة لأجد عقد عمل هناك. الرجاء نصحي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

  فإن الكلام في هذا فرع عن الكلام في مسألة أخرى وهي حكم إكراه المريض على الداوء، وقد بينا بالفتوى رقم: 27996،  أن الحكم في هذا يختلف باختلاف حال المريض ونوع المرض، وأنه إذا علم أو غلب على الظن هلاك المريض بترك الدواء فيجب إكراه المريض عليه. فراجع هذه الفتوى للأهمية.

  فإذا كان هذا المريض قد وصل إلى مثل هذا الحال، فعدم إعطائه الدواء لإنقاذ حياته يعتبر تفريطا، لأن الترك فعل على الراجح وهو قول المالكية.

 جاء في الشرح الكبير للدرير وهو في شرح مختصر خليل: وضمن مار على صيد مجروح لم ينفذ مقتله أمكنته ذكاته بوجود آلة , وعلمه بها, وهو ممن تصح ذكاته, ولو كتابيا، وترك تذكيته حتى مات، قيمته مجروحا لتفويته على ربه ........وشبه في الضمان قوله : ( كترك تخليص مستهلك من نفس أو مال ) قدر على تخليصه بيده أي قدرته أو جاهه أو ماله فيضمن النفس في الدية , وفي المال القيمة. اهـ.

 وبقيت هنا مسألة وهي ما يترتب على من أذن لشخص في قتله، ففي هذا خلاف بين الفقهاء، وإليك أقوالهم في ذلك:

القول الأول: وهو قول الشافعية والحنابلة أنه لو قال المجني عليه للجاني اقتلني ففعل فلا شيء عليه.

 قال النووي في المنهاج: لو قال: اقتلني ففعل فهدر" أي لو قال المجني عليه للجاني اقتلني فقتله فلا قصاص، وفي وجوب الدية قولان المعتمد لا تجب. ورأوا في الإذن شبهة دارئة للحد، وأوجبوا عليه الكفارة فقط لحق الله تعالى لأن الإذن لا يؤثر فيه.

القول الثاني: ذهب الأحناف إلى وجوب الدية فقط، لنفس الدليل السابق.

القول الثالث: أن عليه القصاص، وهو قول المالكية وزفر من الحنفية وبعض الحنابلة.

ويمكن أن يستدل لهم بأن الإنسان لا يملك حياته ولا جسمه، وعليه لا يجوز أن يأذن لغيره إنهاء حياته، فإذنه غير معتبر، فلا يترتب عليه أثره.

  والراجح - والله أعلم- أن الواجب القصاص، لأن القصاص من حق أولياء المقتول كما قال تعالى:( ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل). . وبدليل أن من حق الأولياء التنازل عنه إلى الدية أو العفو، ولما ذكرنا سابقا من أن إذنه بالقتل غير معتبر شرعا. وعلى هذا فالواجب القصاص، وبما أن إقامة الحدود إلى الحاكم، وليس هنالك من يقيم الحدود فتجب الدية، ويشترك في دفعها كل من الطبيب والممرض لأنهما متسببان في قتله.

جاء في قرار صادر عن المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي: إذا اجتمع سببان مختلفان كل واحد منهما مؤثر في الضرر فعلى كل واحد من المتسببين المسؤولية بحسب نسبة تأثيره في الضرر، وإذا استويا أو لم تعرف نسبة أثر كل واحد منهما فالتبعة عليهما على السواء. اهـ.

وهل تجب الكفارة في قتل الكافر، هنالك خلاف بين الفقهاء في هذه المسألة، ووجوبها قول جمهور الفقهاء كما بينا بالفتوى رقم: 49424.

   وفي الختام نقول إنه لا يجوز لك الموافقة على العمل بمثل هذا القانون، ويجب عليك ترك هذا العمل الذي يقتضي فعل مثل هذا بالمريض. وإن تركت هذا العمل ابتغاء مرضاة الله عوضك خيرا منه. قال تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجا*ويرزقه من حيث لا يحتسب.{ الطلاق:2 – 3}.

والله أعلم.

                                                                      

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة