السؤال
عندما كنت خارج الوطن أعطيت صديقا لي مبلغا من المال قدره 10000 دولار لغرض المساهمة في إنشاء شركة استيراد وتصدير، ورجعت إلى أرض الوطن، وبعد مضي سنة لم يتمكن صديقي خلالها من إنشاء الشركة، عليه اتصلت به لغرض إخراج الزكاة، وخلال المكالمة اتفقنا على المبلغ المراد إخراجه، وذلك بواقع 2.5% من 10000أي 250 دولارا. وبعد أيام اتصلت بصديقي بقصد التأكد من أنه قد أخرج الزكاة عندما سألني كم كان المبلغ الذي أعطيته إياه فأخبرته بأنه كان عبارة عن حزمتين كل حزمة تساوي 5000 دولار. وكم كانت المفاجأة عندما قال بأن المبلغ الذي في ذمته عبارة عن حزمة واحدة فقط لمبلغ 7900 دولار. علما بأنه كان قد أخرج الزكاة على 10000 دولار. وأضاف بأنه لا يوجد في البيت إلا هو وأولاده الأطفال وزوجته المتواجدة في البيت على الدوام.
وأنا الآن في حيرة من أمري، فإذا أصررت عليه بأن المبلغ ينقص 2100 دولار(وهو يمثل في حقيقة الحال مبلغا كبيرا بالنسبة لي) فإنني في نظره أتهم زوجته التي يثق فيها كثيرا، حيث تزوجها بعد أن تنكرت لها أسرتها المسيحية بسبب اعتناقها للإسلام، ولم يكن يعرفها قبل الزواج، فهي من كندا وهو يقيم في بريطانيا، وقد جمع بينهما صديق له يقيم في كندا. وأنا شخصيا أحسب صديقي هذا ثقة بإذن الله.
فماذا أفعل ؟أفيدوني.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعلى فرض ثبوت ما أدعيته من كون المبلغ عشرة آلاف دولار، ووجود بينة لديك بذلك، وقد ضاع من صاحبك بعض ما أودعته وائتمنته عليه فهو غير ضامن لما فقد، إذ لا ضمان على مؤتمن ما لم يتعد أو يفرط في أمانته.
جاء في أسنى المطالب: كل مال تلف في يد أمين من غير تعد لا ضمان عليه.
أما إن كان قد ضاع من المبلغ ما ضاع بسبب تفريطه في حفظ النقود وعدم وضعها في مكان تحفظ فيه غالبا ونحو ذلك مما يعد تفريطا فعليه الضمان. جاء في الموسوعة الفقهية: الإهمال في الأمانات إذا أدى إلى هلاكها أو ضياعها يوجب الضمان سواء أكان أمانة بقصد الاستحفاظ كالوديعة، أم كان أمانة ضمن عقد كالمأجور.. انتهى.
وعليه، فانظر وتثبت فلعلك أخطأت في الحساب، وإذا كنت متأكدا ورأيت أن مطالبتك بما ثبت لك عند صاحبك يترتب عليه مفاسد، وأمكن أن تتجاوز عن ذلك وتحتسب هذا عند الله عز وجل فهو خير لك.
وأما المبلغ الذي أمرته بصرفه زكاة عن مالك فهو عليك، وله أخذه من أمانتك لديه لأنه مجرد وكيل عنك في التصرف، وقد فعل ما أمرته به، وقد حددت له ما يخرجه فأخرجه سواء أكان المبلغ عشرة آلاف أو أقل، ولك الرجوع على من صرفت إليه الزكاة لتأخذ منه الزائد لأنه غير مستحق له.
قال الشافعي في الأم: (لأنه أعطيه مملكا له على معنى فلم يكن من أهله)
ومثل غير المستحق من أعطيها خطأ، ولك أن تنوي بالزائد صدقة التطوع.
والله أعلم.