السؤال
زوجتى باعت الذهب الذي أهديته لها، وكذلك الذهب الخاص بابنتي واشترت قطعة أرض بدون علمي ورضائي، وبعد تدخل أهل الصلح بيننا تنازلت عن قطعة الأرض لي، وأنا أعطيتها أكثر من وزن الذهب الخاص بها حسب حكم أهل الصلح... الآن زوجتي تتهمني بأنني أخذت مالها، وتحذرني من النار والعقاب، وأنا من خوفي من الله سبحانه وتعالى بت محتارا لا أعرف ماذا أفعل، هل أنا آثم أو ظالم؟ جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الزوجة لها حق التصرف في مالها الذي ملكته بهدية أو مهر وغير ذلك على الراجح، ولا يجب عليها استئذان زوجها في تصرفاتها، وليس له الحق في رد معاملاتها، ويدل لهذا تصرف أمهات المؤمنين في أموالهن بدون استشارة النبي صلى الله عليه وسلم، وربما يخبرنه بعد ذلك، وبكون ما عملنه مخالفا لرأيه صلى الله عليه وسلم فينبه على الصواب ولا يرد تصرفاتهن.
ففي الصحيحين: أن ميمونة رضي الله عنها اعتقت وليدة ولم تستاذن النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كان يومها الذي يدور عليها فيه قالت اشعرت يا رسول الله أني اعتقت وليدتى، قال: أوفعلت: قالت: نعم، قال: أما أنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك.
وإذا تقرر أن للمرأة حق التصرف في مالها، فإنا ننصحك أن كنت تخاف الله حقا أن تتذكر أن العقاب الأخروي أخطر من فوات لعاعة من الدنيا لا تزن جناح بعوضة، واعلم أن الظاهر من حال زوجتك وتخويفها لك من النار إنها لم تتنازل عن الأرض طواعية، والمأخوذ حياء مثل المغصوب في التحريم، فربما تكون الزوجة استحيت من مناقشة أهل الصلح في الموضوع، وتنازلت حياء منها، وعليه، فإنا نرشدك إلى ما هو الأسلم لك في آخرتك وهو أن ترد الأرض للزوجة.
وأما الذهب الذي أعطيتها مؤخرا فإن شئت أن تسترجعه منها فلا حرج عليك في استرجاعه، وأما عن ذهب البنت، فإن كانت صغيرة تحت وصايتك فأنت وليها ولا يسوغ لأحد أن يتصرف في مالها بغير إذنك، فيمكنك الحوار مع الزوجة في تصرفها في ذهب البنت، إن كنت لا تراه صوابا، فإما إن ترد لها قدر ذهبها، أو تثبت أنها شريكتها في الأرض بقدر نسبة ذهبها من ثمن الأرض..
هذا وننبه إلى أن مال البنت ملك لها، وإنما يجوز لأبيها أن يستفيد منه إذا كان محتاجا لما في الحديث: أنت ومالك لأبيك. رواه الترمذي.
وهذه اللام تفيد الإباحة ولا تفيد الملك، وبناء عليه، فيتعين أن تمنع نفسك عن التملك لمال البنت، وأن تنظر في مصالحها باعتبارك وليا لها ومسؤولا عن أمرها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 59495، والفتوى رقم: 123323.
والله أعلم.