السؤال
ما حكم السجدة التي تكون بعد الانتهاء من الصلاة المفروضة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فالسجود إنما يشرع إذا وجد سبب يقتضيه كالسجود في صلب الصلاة، وكسجود التلاوة عند المرور بآية يشرع السجود لها، وكسجود الشكر عند تجدد نعمة أو اندفاع نقمة، وكسجود السهو إذا وجد سبب يقتضيه في الصلاة. وأما السجود لغير سبب يقتضيه فلا يشرع، وقد نبه العلماء رحمهم الله على أن التقرب إلى الله لا يكون بالسجدة المفردة، وعلى أن تعمد تلك السجدة بعد الفراغ من الصلاة كما يفعله بعض الناس ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم فإن سجود الشكر لا يشرع في هذا الموطن، والتعبد لله بالسجود المفرد لا يشرع، وقد بين العلامة أبو شامة رحمه الله في كتابه الماتع الباعث على إنكار البدع والحوادث. هذا الذي ذكرناه ونحن ننقل من كلامه طرفا يتبين به المقصود. قال رحمه الله: والشريعة لم ترد بالتقرب الى الله تعالى في السجود إلا في الصلاة أو لسبب خاص في سهو، أو قراءة سجدة، وفي سجدة الشكر خلاف استحبها الشافعي وقال أحمد: لا بأس بها، وقال اسحق وأبو ثور: هي سنة ، قال أبو نصر الأرغباني: سجود الشكر سنة عند مفاجأة نعمة واندفاع نقمة وبلية، ولا تستحب لدوام النعم، وقال صاحب التتمة: جرت عادة بعض الناس بالسجود بعد الفراغ من الصلاة يدعو فيه قال: وتلك سجدة لا يعرف لها أصل ولا نقلت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا عن أصحابه، والأولى أن يدعو بالصلاة لما روى من الأخبار فيه. قلت -وما زال الكلام لأبي شامة رحمه الله- ولا يلزم من كون السجود قربة في الصلاة أن يكون قربة خارج الصلاة كالركوع. قال الفقيه أبو محمد: لم ترد الشريعه بالتقرب الى الله تعالى بسجدة منفردة لا سبب لها فإن القرب لها أسباب وشرائط وأوقات وأركان لا تصلح بدونها، وكما لا يتقرب إلى الله تعالى بالوقوف بعرفة ومزدلفة ورمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة من غير نسك واقع في وقته بأسبابه وشرائطه فكذلك لا يتقرب الى الله تعالى بسجدة منفردة وإن كانت قربة إذا كان لها سبب صحيح، وكذلك لا يتقرب إلى الله تعالى بالصلاة والصيام في كل وقت وأوان وربما تقرب الجاهلون الى الله تعالى بما هو مبعد عنه من حيث لا يشعرون
وهو من الجودة بمكان لما فيه من تقرير هذه القاعدة العظيمة وهي أن العبادات مبناها على التوقيف والاتباع.
والله أعلم.