السؤال
أنا متزوجة، وعزمت على تركيب لولب لتأخير الحمل، وطلبت الطبيبة تركيبه في أواخر الدورة، وفي اليوم السادس انقطع الدم، فاغتسلت وذهبت لتركيبه، علما بأن عادتي 7 أيام، فنزل دم بعد تركيبه في نفس اليوم، وهو دم مشابه لدم الدورة في الشكل والرائحة، فاعتبرته دم استحاضة، لانتهاء عادتي فصليت وحصل الوطء وقمت بقضاء يوم من أيام رمضان، واليوم هو اليوم الرابع من طهري ومازالت الاستحاضة موجودة، فهل تعتبر حيضا أو استحاضة؟ وإذا كانت حيضا فماذا يلزمني؟.
أفيدوني.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكرت أن عادتك سبعة أيام، وأن الدم انقطع في اليوم السادس، ثم عاودك في نفس اليوم، وعليه، فهذا الدم الذي عاودك بعد تركيب اللولب دم حيض بلا شك، لكونه في زمن العادة فكان عليك أن تتركي الصوم والصلاة، ولا يصح منك صيام ذلك اليوم الذي صمته، وذلك حتى تنقضي عادتك ـ والتي ذكرت أنها سبعة أيام ـ وأما ما رأيته من الدم بعد انقضاء مدة عادتك فالراجح عندنا ـ أيضا ـ أنه حيض ما لم تتجاوز مدة هذا الدم والدم قبله وما تخللهما من نقاء أكثر مدة الحيض ـ وهي خمسة عشر يوما ـ ومن ثم، فإن الواجب عليك أن تدعي الصوم والصلاة وما تدعه الحائض حتى ينقطع هذا الدم، فإن انقطع لأقل من خمسة عشر يوما فجميعه حيض، وإن تجاوزت مدته خمسة عشر يوما، فقد تبين بذلك أنك مستحاضة، فيجب عليك ـ حينئذ ـ أن تغتسلي وتتحفظي بشد
خرقة أو نحوها على الموضع، وتتوضئين لكل صلاة بعد دخول وقتها، وتصلين بوضوئك ذاك الفرض وما شئت من النوافل حتى يخرج ذلك الوقت، ولك بعد هذا جميع أحكام الطاهرات، وما زاد على مدة عادتك من الأيام فعليك قضاء الصلوات التي تركتها فيه ظانة أنه حيض، ثم ترجعين إلى عادتك تلك فيما أقبل من الشهور فتجلسينها، وتغتسلين بعد انقضائها وما زاد عليها يكون استحاضة.
وأما ما حصل من الجماع في ذلك الوقت فنرجو أن لا إثم عليك فيه لأجل التأويل واعتقادك أنه استحاضة، وقد قال بعض العلماء: إن الدم إذا جاوز مدة العادة لا يكون حيضا حتى يتكرر ثلاث مرات، وعلى هذا القول، فالواجب على المرأة أن تغتسل بعد انقضاء أيام عادتها ثم تصلي وتصوم، ولكن يجب عليها على هذا القول أن تغتسل مرة أخرى بعد انقطاع الدم، وتقضي ما فعلته من العبادات الواجبة إن تكرر الدم ثلاثا، فإن تكرر ثلاث مرات علمنا أنه دم حيض، وما ذكرناه من أن العادة إذا تغيرت بزيادة أو تقدم أو تأخر فجميع ما تراه المرأة من الدم حيض ما لم يتجاوز مجموع أيامه خمسة عشر يوما ـ التي هي أكثر مدة الحيض ـ فإذا تجاوزت مدة الدم خمسة عشر يوما علمنا أن المرأة مستحاضة، وهوالأرجح ـ إن شاء الله ـ والأرفق بالنساء، حتى عبر بعض الحنابلة بأنه الذي لا يسع النساء غيره مع كونه خلاف مذهبهم.
جاء في الروض مع حاشيته: ومن زادت عادتها مثل: أن يكون حيضها خمسة من كل شهر فيصير ستة، أو تقدمت مثل: أن تكون عادتها من أول الشهر فتراه في آخره، أو تأخرت عكس التي قبلها، فما تكرر من ذلك ثلاثا فهو حيض ولا تلتفت إلى ما خرج عن العادة قبل تكرره، كدم المبتدأة الزائد على أقل الحيض، فتصوم فيه وتصلي قبل التكرار، وتغتسل عند انقطاعه ثانيا، فإذا تكرر ثلاثا صار عادة، فتعيد ما صامته ونحوه من فرض، كصلاة - أي منذورة - وطواف واعتكاف ونحوها، وعنه: تصير إليه من غير تكرار وتدع الصلاة ونحوها، أومأ إليه - أي الإمام أحمد - في رواية ابن منصور، واختاره الشيخ - أي ابن تيمية - والموفق وجمع، قال في الإنصاف: وهو الصواب، قال ابن عبيدان: وهو الصحيح ـ قال في الفائق: وهو المختار وعليه العمل، ولا يسع النساء العمل بغيره، قال في الاختيارات: والمنتقلة إذا تغيرت عادتها بزيادة أو نقص أو انتقال فذلك حيض حتى تعلم أنها استحاضة باستمرار الدم. انتهى.
والله أعلم.