السؤال
أرجو من فضيلتكم شرح حديث: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين. وهل هذا يكون في كل ركعة؟ وهل إذا التفت العبد في الصلاة ينصرف الرب سبحانه عنه. الرجاء التوضيح؟
أرجو من فضيلتكم شرح حديث: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين. وهل هذا يكون في كل ركعة؟ وهل إذا التفت العبد في الصلاة ينصرف الرب سبحانه عنه. الرجاء التوضيح؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فالحديث المذكور أخرجه مسلم في صحيحه وأصحاب السنن وغيرهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل. فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين. قال الله: حمدني عبدي، فإذا قال: الرحمن الرحيم. قال الله: أثنى علي عبدي. فإذا قال: مالك يوم الدين. قال: مجدني عبدي. وقال مرة: فوض إلي عبدي. وإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين. قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل. فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. قال: هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل. وهذا الحديث من أعظم فضائل الفاتحة، ومما استدل به الجمهور على وجوبها بعينها في كل ركعة من ركعات الصلاة. وأما شرح هذا الحديث فقد قال الشوكاني في شرح المنتقى: قوله ( قسمت الصلاة ) قال النووي : قال العلماء المراد بالصلاة الفاتحة سميت بذلك لأنها لا تصح إلا بها، والمراد قسمتها من جهة المعنى لأن نصفها الأول تحميد لله وتمجيد وثناء عليه وتفويض إليه، والنصف الثاني سؤال وطلب وتضرع وافتقار. قوله: ( حمدني وأثنى علي ومجدني ) الحمد الثناء بجميل الفعال، والتمجيد الثناء بصفات الجلال، والثناء مشتمل على الأمرين، ولهذا جاء جوابا للرحمن الرحيم لاشتمال اللفظين على الصفات الذاتية والفعلية حكى ذلك النووي عن العلماء. قوله ( فوض إلي عبدي ) وجه مطابقة هذا لقوله مالك يوم الدين أن الله تعالى هو المنفرد بالملك ذلك اليوم وبجزاء العباد وحسابهم . والدين الحساب وقيل الجزاء ولا دعوى لأحد ذلك اليوم حقيقة ولا مجازا. وأما في الدنيا فلبعض العباد ملك مجازي ويدعي بعضهم دعوى باطلة، وكل هذا ينقطع في ذلك اليوم. قوله ( فإذا قال إياك نعبد ) الخ قال القرطبي : إنما قال الله تعالى هذا لأن في ذلك تذلل العبد لله وطلبه الاستعانة منه وذلك يتضمن تعظيم الله وقدرته على ما طلب منه . قوله ( فإذا قال اهدنا الصراط المستقيم ) إلى آخر السورة إنما كان هذا للعبد لأنه سؤال يعود نفعه إلى العبد. انتهى. واستقصاء معاني الحديث وفوائده مما يطول جدا، ولعل فيما ذكرنا كفاية، ثم إن هذا الفضل العظيم يحصل كلما قرأ العبد الفاتحة في الصلاة ولا يختص ذلك بركعة دون ركعة. قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: فهذا الحديث يدل على أن الله يستمع لقراءة المصلي حيث كان مناجيا له ، ويرد عليه جواب ما يناجيه به كلمة كلمة. انتهى. وأما انصراف الله تعالى عن العبد إذا التفت في صلاته فقد دلت عليه السنة، فروى أحمد وأبو داود والنسائي عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يزال الله مقبلا على العبد في صلاته ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه انصرف عنه. وفي وصية يحيى عليه السلام لبني إسرائيل: وآمركم بالصلاة، فإن الله عز وجل ينصب وجهه لوجه عبده ما لم يلتفت، فإذا صليتم فلا تلتفتوا. أخرجه بطوله أحمد والترمذي من حديث الحارث الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.