السؤال
ضرب زلزال شديد بلدنا وكنت حينها في سن 23 ومن شدة خوفي عاهدت الله أن لا أكلم أي شاب مهما كان لكنني بعد مرور الوقت تعرفت على الكثيرين، وفي كل مرة أتعرف على شاب بحجة الزواج وأخرج معه فيقبلني ويلمسني في أماكن من جسمي، وبعدها تحدث مشكلة ولا تستمر العلاقة وإلى اليوم، وأنا في سن 32 تعرفت على الكثيرين وبنفس الطريقة، أحس أن عهدي مع الله كان كبيرا، وأحس أن الله تعالى ابتلاني بحب الشباب بسبب عهدي ليرى ماذا أفعل؟ لكنني أضعف أمامهم لتلبية طلبهم في الحرام من أجل الزواج، لكنهم في الأخير يتركونني، وقد تبت إلى الله مرات عدة، لكن بمجرد التعرف على شاب جديد وأنه يريد الزواج بي أتركه يفعل معي ما يريد، فهل الله تعالى يعاقبني في الدنيا قبل الآخرة لما فعلت وعلى عهدي الذي لم ألتزم به، وأتا اليوم تائبة إلى الله، فهل لي من توبة نصوح؟ وكيف أكفر عن عهدي؟ وهل إذا أتاني رجل صالح يحق لي الزواج به دون أن أخبره بعلاقاتي السابقة؟ أريد لقاء ربي وهو يحبني، ساعدوني من فضلكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أسأت كثيرا وظلمت نفسك ظلما عظيما بإقامة مثل هذه العلاقات مع الرجال الأجانب، وحاجة الفتاة إلى الزواج لا تسوغ لها شيئا من ذلك، وما عند الله تعالى من الرزق الحلال لا يطلب بمعصية الله عز وجل، بل إن مثل هذه التصرفات من أعظم ما يصد الشباب عن الزواج منك، فإن كثيرا من المنحرفين يطلبون الحرام من الفتيات ويغروهن بتحقيق ما يردن من الزواج بهن، ثم إذا أرادوا الزواج بحثوا عن فتاة عفيفة لتكون لهم زوجة، كما أن صدود الأزواج عنك قد يكون من آثار هذه المعاصي، فقد قال الله تعالى: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير.
{ الشورى: 30 }.
ولكن ترتب العقوبة في الدنيا على الذنب ليس بأمر لازم، وعلى كل حال، فالواجب عليك التوبة إلى الله تعالى من هذه العلاقات وعدم العود لمثل ذلك مستقبلا، خاصة وأنك قد عاهدت الله تعالى على اجتنابها وهذا مما يتأكد به اجتناب مثل ذلك، والعهد مع الله تعالى أمره عظيم وخلفه من صفات المنافقين، قال الله تعالى: ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين* فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون* فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون.
{التوبة: 75-76 }.
ومع عظم خلف العهد مع الله، إلا أن من تاب تاب الله عليه، قال تعالى: وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى.
{ طه: 82 }.
وثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه.
وقد مضى في الفتوى رقم: 6938، بيان ما يترتب على خلف العهد مع الله على ترك محرم، فراجعيها.
واعلمي أنه يجب عليك أن تستري على نفسك، فلا تخبري أحدا من الناس ـ خاطبا أم غيره ـ بما حدث منك من علاقات سابقة، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه: قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل أمتي معافى إلا المجاهرون، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح ـ وقد ستره الله ـ فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه.
والله أعلم.