السؤال
هل قوله تعالى: وأذنت لربها وحقت ـ بمعنى التمثيل، لكونها في قبضة القدرة الإلهية؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ـ أذنت ـ هنا بمعنى استمعت وأطاعت، ففي المفردات في غريب القرآن: وأذن: استمع ـ نحو قوله: وأذنت لربها وحقت. { الانشقاق: 2 }. اهـ .
ومثل هذا قوله عليه الصلاة والسلام: ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به. رواه البخاري ومسلم.
أي: ما استمع الله لشيء استماعه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به.
ومنه قول قعنب بن أم صاحب:
صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به * فإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا.
أذنوا أي: استمعوا.
وفي تفسير ابن كثير: وأذنت لربها ـ أي: استمعت لربها وأطاعت أمره فيما أمرها به من الانشقاق، وحقت ـ أي: وحق لها أن تطيع أمره، لأنه العظيم الذي لا يمانع ولا يغالب، بل قد قهر كل شيء وذل له كل شيء. اهـ.
وهذا هو المروي عن السلف، فقد روى ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: وأذنت لربها ـ أي: أطاعت. ومن طريق سعيد بن جبير: وحقت ـ أي حق لها أن تطيع. ومن طريق الضحاك: لربها وحقت ـ أي سمعت. وقال مجاهد: أذنت ـ سمعت وأطاعت لربها. أخرجه ابن أبي حاتم من طريقه. كذا في فتح الباري.
وأخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد: وأذنت لربها وحقت ـ قال: سمعت.
وأما حملها على المجاز: فلا حاجة له، لأن المخلوقات تسمع أوامر الله وتطيعه فيها، كما قال تعالى في السماء والأرض في سورة فصلت: ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين. {فصلت: 11 }.
وفي تتمة أضواء البيان للشيخ: عطية محمد سالم: وقد حمله بعض المفسرين على المعنى المجازي في أذنت: أي لما لم تكن ممانعة من تشققها، كان ذلك بمثابة الامتثال والاستماع، وقد قدمنا أن للجمادات بالنسبة إلى الله تعالى حالة لا كهي بالنسبة للمخلوقين، في مبحث أول الحشر في معنى التسبيح من الجمادات.
وقد جاء صريحا في حق السماء والأرض من ذلك قوله تعالى: إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها. {الأحزاب: 72}.
وقال تعالى: ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين.{فصلت: 11}.
والله أعلم.