وجه العناية باليتيم في سورة النساء والتحذير من أكل ماله ظلما

0 238

السؤال

عنيت سورة النساء بأهمية الوقوف إلى جانب اليتيم وحذرت من أكل ماله ظلما، كما حذرت الوصي من أكل مال اليتيم مضموما إلى ماله، فما سر هذا التحذير الإلهي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلعل من السر في هذا الأمر إبطال ما كان يحصل من أعمال أهل الجاهلية في الاحتيال على تركة اليتامى والبنات وهضم حقوقهم، وقد توعد الله تعالى على ذلك في محكم كتابه حيث يقول تعالى: وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا * إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا{النساء: 9-10}.

وقد عد أهل العلم أكل مال اليتيم من الكبائر المنهي عنها بسبب هذا الوعيد العظيم وبسبب كونها معدودة في الموبقات المذكورة في حديث الصحيحين: اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات.

وفي حديث الكبائر: اجتنبوا السبع الكبائر: الشرك بالله، وقتل النفس، والفرار من الزحف، وأكل مال اليتيم.

رواه الطبراني، وحسنه الألباني.

وقد نهى الشارع عن هضم حقوق اليتيمات، ففي الصحيحين أن عروة بن الزبير سأل عائشة عن قول الله تعالى: وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى {النساء: 3 }.

فقالت يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله ويعجبه مالها وجمالها فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره فنهوا عن أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا لهن أعلى سنتهن في الصداق، فأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن.

وقد رغب الله في الإحسان إلى اليتامى وأبناء السبيل فقال: وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى{البقرة: 83} ، وأمر بالبعد عن التصرف في أموالهم إلا بما هو أصلح لهم وأن تدفع لهم عند بلوغهم ورشدهم وأن لا يبادر بأكلها قبل بلوغهم، كما قال تعالى: ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن.{الأنعام: 152}.

وقال تعالى: وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا.{النساء: 2} ، وقال تعالى: وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا ، {النساء: 6}.

وفي تفسير الشعراوي: إن سورة النساء تعالج الضعف في المرأة والضعف في اليتيم، لأن الحال في المجتمع الذي جاء عليه الإسلام أنهم كانوا لا يورثون النساء ولا يورثون الصغار الذين لم تشتد أجنحتهم، وكانت القاعدة الغريبة عندهم هي: من لم يطعن برمح ولم يذد عن حريم، أو عن مال ولم يشهد معارك فهو لا يأخذ من التركة، وكانت هذه قمة استضعاف أقوياء لضعفاء، وجاء الإسلام ليصفي هذه القاعدة، بل فرض وأوجب أن تأخذ النساء حقوقهن وكذلك الأطفال، ولهذا قال الحق سبحانه: للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون { النساء: 7 }.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات