السؤال
هل إذا كان المسلم مخيرا في فعل أشياء قد تفسد، أو تشككه في صحة صيامه يفعلها، أو يتجنبها؟ كأن يخرج للتنزه في نهار رمضان وقد يبتلع دخان سيارة، أو غبار خشب، أو كأن يغسل المسلم وجهه دون وضوء، أو يسبح في حوض ماء حيث يمكن أن يدخل الماء إلى حلقه عن طريق الفم، أو العينين، أو أن يجلس قرب حرفي يصدر غبارا، أو رذاد خشب، أو حديد.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجوز للصائم أن يخرج للتنزه وأن يجلس حيث شاء، ولا يضره ما سبق إلى حلقه من غبار الطريق، أو الدخان ولا يفسد صومه بذلك، بل ذهب الشافعية إلى أنه لو تعمد فتح فمه حتى دخل الغبار جوفه لم يفسد صومه بذلك أيضا، ونقل الإجماع على أن سبق الغبار ونحوه إلى جوف الصائم لا يفسد صومه، وإذا علمت أن ذلك لا يفسد الصوم ولا يشكك في صحته، فلا حرج على الصائم في فعله البتة، قال في مغني المحتاج: وكونه ـ أي الواصل ـ بقصد فلو وصل جوفه ذباب، أو بعوضة، أو غبار الطريق، أو غربلة الدقيق لم يفطر، وإن أمكنه اجتناب ذلك بإطباق الفم، أو غيره، لما فيه من المشقة الشديدة، ولو فتح فاه عمدا حتى دخل التراب جوفه لم يفطر ـ أيضا ـ لأنه معفو عن جنسه، قال في المجموع: وشبهوه بالخلاف في العفو عن دم البراغيث المقتولة عمدا، وقضيته أن محل عدم الإفطار به إذا كان قليلا، ولكن ظاهر كلام الأصحاب الإطلاق، وهو الظاهر. انتهى.
وجاء في الروض مع حاشيته: أو طار إلى حلقه ذباب، أو غبار من طريق، أو دقيق، أو دخان، لم يفطر وفاقا كالنائم يدخل حلقه شيء، وقال الوزير: أجمعوا على أن الغبار، والدخان، والذباب، والبق، إذا دخل حلق الصائم فإنه لا يفسد صومه. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين: ولو فرض أنه في مكان فيه دخان، أو غبار وثار الغبار، أو الدخان حتى استنشقه فوصل المعدة فإنه لا يفطر. انتهى.
وأما غسل الوجه للصائم: فلا حرج فيه، واحتمال وصول شيء إلى جوفه عن طريق غسل الوجه مما يستبعد جدا، وأما السباحة للصائم: فإنها جائزة إلا إذا علم، أو غلب على ظنه أنه يصل إلى جوفه شيء من الماء وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 126844.
وبينا حكم تمضمض الصائم في غير وضوء وهل يفسد صومه إذا سبق الماء إلى حلقه لو تمضمض في الفتوى رقم: 140655، فانظرها.
وأما وصول شيء إلى الجوف عن طريق العين فمختلف في إفساده للصوم بين العلماء، ولعل الراجح ـ إن شاء الله ـ أن الصوم لا يفسد بذلك، وانظر الفتوى رقم: 18140.
والله أعلم.