السؤال
تأتي لي ولزوجتي بعض الهدايا من شخص قريب لنا وعلمنا أنه قام بشراء هذه الهدايا من شخص يسرقها ويبيعها له بسعر رخيص فيقوم هذا القريب بإعطائها لأقربائة في شكل هدايا، فهل هي محرمة علينا؟ أم نرد كل هذه الهدايا؟ أم لا نقبل منه أي هدايا بعد ذلك؟ وللعلم فإنه من العائلة وتربطنا به علاقه وطيده من الصعب خسارتها.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا علمتم أن عين الهدايا التي بأيديكم مسروقة واشتراها قريبكم من سارقها فلا يجوز لكم الانتفاع بها، بل عليكم أن تعيدوها إلى أصحابها إن استطعتم ذلك، فقد نص أهل العلم على أن الآخذ من الغاصب، أو السارق أو المعتدى مثلهم ما دام يعلم أنهم قد اعتدوا على حق غيرهم، قال عليش في فتاويه: ونصه مسألة في معاملة أصحاب الحرام, وينقسم مالهم قسمين:
أحدهما: أن يكون الحرام قائما بعينه عند الغاصب، أو السارق، أو شبه ذلك: فلا يحل شراؤه منه, ولا البيع به إن كان عينا, ولا أكله إن كان طعاما, ولا لباسه إن كان ثوبا, ولا قبول شيء من ذلك هبة, ولا أخذه في دين ومن فعل شيئا من ذلك فهو كالغاصب بكون الحرام قد فات في يده, ولزم ذمته.
ولذا، من وصل إليه شيء من ذلك بهبة أو غيرها فلا يعيده إلى من أهداه إليه، بل يرده إلى صاحبه إن كان معلوما، فإن جهل صاحبه وتعذر الوصول إليه تصدق به عنه، قال النووي في المجموع: إذا اشترى شيئا شراء فاسدا فباعه لآخر فهو كالغاصب يبيع المغصوب، فإذا حصل في يد الثاني وعلم الحال لزمه رده إلى المالك ولا يجوز رده إلى المشتري الأول. انتهى.
وأما ما لم تعلموا كونه محرما مما يهديه إليكم قريبكم فلا حرج عليكم في استعماله والانتفاع به بناء على أصل كون ما بيد المسلم ملك له، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في في هذا المقام: ما في الوجود من الأموال المغصوبة والمقبوضة بعقود لا تباح بالقبض إن عرفه المسلم اجتنبه فمن علمت أنه سرق مالا، أو خانه في أمانته، أو غصبه فأخذه من المغصوب قهرا بغير حق لم يجز لي أن آخذه منه، لا بطريق الهبة ولا بطريق المعاوضة، ولا وفاء عن أجرة، ولا ثمن مبيع، ولا وفاء عن قرض، فإن هذا عين مال ذلك المظلوم وإن كان مجهول الحال، فالمجهول كالمعدوم، والأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكا له إن ادعى أنه ملكه، فإذا لم أعلم حال ذلك المال الذي بيده بنيت الأمر على الأصل ثم إن كان ذلك الدرهم في نفس الأمر قد غصبه هو ولم أعلم أنا كنت جاهلا بذلك، والمجهول كالمعدوم لكن إن كان ذلك الرجل معروفا - بأن في ماله حراما - ترك معاملته ورعا، وإن كان أكثر ماله حراما ففيه نزاع بين العلماء.
وأما المسلم المستور: فلا شبهة في معاملته ومن ترك معاملته ورعا كان قد ابتدع في الدين بدعة ما أنزل الله بها من سلطان .
والله أعلم.