موقف المسلم من المسلم الذي يظلمه ويؤذيه

0 310

السؤال

السؤال حول المتشاحنين والحديث الذي يقول في ما معناه: إذا مات أحدهم وهم متشاحنون يدخل النار، فأريد أن أعرف كيف لشخص يؤذيني ويسبني وأحيانا حاول ضربي فكيف أحادثه وأكلمه بشكل عادي وهذه نفس بشرية، وأذكر بأن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم كان لا يطيق أن يرى وحشي بالرغم من إسلامه والإسلام يجب ما قبله إلا أن الرسول كان لا يطيق رؤيته فكيف لشخص يؤذيني أن أحادثه، فهل الحكم للمتشاحن المعتدي فقط أم للاثنين؟ وهناك شخص تجنبه أفضل من الحديث معه لأنه يسبب لي مشاكل باستمرار أرجوكم أفتوني مأجورين وسدد الله خطاكم لما فيه خير للأمة الإسلامية.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنا لم نطلع على حديث يفيد أن المشاحن يدخل النار، ولكنه ثبت بعض النصوص في التحذير من الشحناء وأنها تسبب عدم المغفرة، فقد أخرج مسلم في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا.

وعن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه ، إلا لمشرك أو مشاحن. رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الألباني.

والمراد بالشحناء العداوة كما قال عياض وابن عبد البر، وابن الأثير وابن الجوزي والباجي.

 قال النووي في شرح صحيح مسلم: والشحناء العداوة كأنه شحن بغضا له لملائه. انتهى.

وقال المباركفوري في شرح المشكاة : قال الطيبي: الشحناء العدواة والبغضاء، ولعل المراد التي تقع بين المسلمين من قبل النفس الأمارة بالسوء ولا يأمن أحدهم أذى صاحبه من يده ولسانه، لأن ذلك يؤدي إلى القتل وربما ينتهي إلى الكفر، إذ كثيرا ما يحمل على استباحة دم العدو وماله. انتهى.

وهذا الأمر يشترك فيه المتشاحنان المتعاديان، وأما إذا ظلم أحدهما الآخر ولم يكن من الآخر رد ولا معاداة فنرجو أن لا يكون داخلا في ذلك .

 وأما الشخص المذكور فيمكن أن تتحفظ منه وتكتفي معه بأدنى الصلة، وبالسلام عليه عند لقائه، فإن شر الناس من تركه الناس اتقاء شره، كما ورد بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وينبغي أن تقابل ظلمه بالعفو والإحسان، كما أمر الله تعالى حيث قال:  ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم*وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم {فصلت:34ـ35}.

 قال تعالى: وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين {الشورى:40}.

  ونذكر الأخ الكريم بما أخبر به المصطفى صلى الله عليه وسلم من جاءه يشكو سوء معاملة أقربائه، قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيؤون إلي وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فإنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم.

وأما تعمد المقاطعة الكلية بين المسلمين فهو ممنوع، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا. رواه مسلم. وفي الصحيحين: لا يدخل الجنة قاطع.

 وروى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام .

اللهم إلا أن تكون المخالطة تجلب على المرء شرا في دينه أو دنياه فإن القطيعة حينئذ تجوز كما بينا في فتاوى كثيرة ويمكنك مراجعة فتوانا رقم: 65051.

وأما وحشي فقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في إسلامه، وقد التقى بالنبي صلى الله عليه وسلم حين جاء مسلما، وذلك بعد إسلام أهل الطائف، وتحدث معه الرسول صلى الله عليه وسلم وقبل إسلامه، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم ما أحب النظر لوجهه، قال وحشي: فخرجت معهم حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآني قال: أنت وحشي؟ قلت: نعم، قال: أنت قتلت حمزة؟ قلت: قد كان من الأمر ما بلغك، قال: فهل تستطيع أن تغيب وجهك عني، قال: فخرجت، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج مسليمة الكذاب قلت: لأخرجن على مسليمة لعلي أقتله فأكافئ به حمزة، قال: فخرجت مع الناس فكان من أمره ما كان، قال: فإذا رجل قائم في ثلمة جدار كأنه جمل أورق ثائر الرأس، قال: فرميته بحربتي فأضعها بين ثدييه حتى خرجت من بين كتفيه، قال: ووثب إليه رجل من الأنصار فضرب بالسيف على هامته. رواه البخاري.

قال الحافظ في الفتح: وعند يونس بن بكير في المغازي وعند ابن إسحاق قال: فقيل لرسول الله هذا وحشي فقال: دعوه فلإسلام رجل واحد أحب إلى من قتل ألف كافر.

وقال: وفيه –أي الحديث- أن المرء يكره أن يرى من أوصل إلى قريبه أو صديقه أذى، ولا يلزم من ذلك وقوع الهجرة المنهي عنها بينهما، وفيه أن الإسلام يهدم ما قبله. اهـ 

 والله أعلم.

 

 

 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات