السؤال
ما حكم بيع الوزغ والسحلية وأكلهما في الإسلام؟ مع ذكر أدلة شرعية لحرمتهما، أو حليتهما.
وجزاكم الله خيرا.
ما حكم بيع الوزغ والسحلية وأكلهما في الإسلام؟ مع ذكر أدلة شرعية لحرمتهما، أو حليتهما.
وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الوزغ والسحلية قد ذكر بعض أهل العلم أنهما شيء واحد، ففي حياة الحيوان الكبرى للدميري الشافعي: السحلية بضم السين: العظاية، قال ابن الصلاح: هي دويبة أكبر من الوزغ وقد عد في الروضة: العظاية من نوع الوزغ، وقال: إنها محرمة. انتهى.
وذكر البعض أنهما مختلفتان وأن السحلية من أنواع الحرباء، وقد حرم الجمهور الأوزاغ، لخبثها وضررها ولأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلها، وكذا السحلية لخبثها، لقوله تعالى: ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبآئث.{ الأعراف: 157}.
وفي صحيح البخاري عن أم شريك ـ رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الوزغ وقال: وكان ينفخ على إبراهيم عليه السلام.
وفي مسلم: من قتل وزغا في أول ضربة كتبت له مائة حسنة، وفي الثانية دون ذلك، وفي الثالثة دون ذلك.
وقال النووي في المجموع: وأما الحشرات فكلها مستخبثة وكلها محرمة سوى ما يدرج منها وما يطير، فمنها ذوات السموم والأبر كالحية والعقرب والزنبور، ومنها الوزغ وأنواعه كحرباء الظهيرة والعظا وهي ملساء تشبه سام أبرص وهي أخس منه واحدتها عظاة وعظاية فكل هذا حرام. انتهى.
وفي المغني لابن قدامة: والمحرم من الحيوان ما نص الله تعالى عليه في كتابه وما كانت العرب تسميه طيبا فهو حلال وما كانت تسميه خبيثا فهو محرم، لقول الله تعالى: ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبآئث ـ فما استطابته العرب فهو حلال، وما استخبثته العرب فهو محرم، لقول الله تعالى: ويحرم عليهم الخبآئث ـ والذين تعتبر استطابتهم واستخباثهم هم أهل الحجاز من أهل الأمصار، لأنهم الذين نزل عليهم الكتاب وخوطبوا به وبالسنة فرجع في مطلق ألفاظهما إلى عرفهم دون غيرهم، ولم يعتبر أهل البوادي، لأنهم للضرورة والمجاعة يأكلون ما وجدوا، ولهذا سئل بعضهم عما يأكلون، فقال ما دب ودرج إلا أم حبين، فقال لتهن أم حبين العافية وما وجد في أمصار المسلمين مما لا يعرفه أهل الحجاز رد إلى أقرب ما يشبهه في الحجاز، فإن لم يشبه شيئا منها فهو مباح لدخوله في عموم قوله تعالى: قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما ـ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: وما سكت الله عنه فهو عفا عنه.
وإذا ثبت هذا، فمن المستخبثات الحشرات ـ كالديدان والجعلان وبنات وردان والخنافس والفأر والأوزاغ والحرباء والعضاء والجراذين والعقارب والحيات ـ وبهذا قال أبو حنيفة و الشافعي، ورخص مالك وابن أبي ليلى والأوزاعي في هذا كله، إلا الأوزاغ فإن ابن عبد البر قال هو مجمع على تحريمه، وقال مالك الحية حلال إذا ذكيت واحتجوا بعموم الآية المبيحة، ولنا قوله تعالى: ويحرم عليهم الخبائث ـ وقول النبي صلى الله عليه وسلم: خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: العقرب والفأرة والغراب والحدأة والكلب العقور ـ وفي حديث الحية مكان الفأرة، ولو كانت من الصيد المباح لم يبح قتلها، ولأن الله تعالى قال: لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ـ وقال: وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ـ ولأنها مستخبثة فحرمت كالوزغ، أو مأمور بقتلها فأشبهت الوزغ. انتهى.
وأباح بعض المالكية لحم الوزغ والسحلية إن أمن ضرر سمهما وذكيا، قال الدردير في الشرح الصغير: واعلم أن ميتة الثعبان والسحلية وبنت عرس والوزغ نجسة، إذ كلها ذو نفس سائلة ويجوز أكل الجميع بالتذكية إلا لضرر، وعليه يحمل قول من قال بحرمة أكل بنت عرس. انتهى.
وقال عليش في منح الجليل: والمباح خشاش أرض ـ كعقرب وخنفساء وبنات وردان وجندب ونمل ودود وسوس وحلم ـ وأضيف للأرض، لأنه لا يخرج منها إلا بمخرج ويبادر برجوعه إليها ودخل فيه الوزغ والسحلية وشحمه الأرض، فإنها من المباح وإن كانت ميتتها نجسة لا تطهر إلا بذكاتها فقولهم فيها ليست من الخشاش، إنما هو باعتبار نجاسة ميتتها وإن دخلت فيه باعتبار إباحتها بذكاة، لكن ذكر الحطاب عن ابن عرفة أن الوزغ لا يؤكل ولعله لسمه. انتهى.
ونقل الحطاب عن ابن العربي ترجيح تحريم الحشرات كلها، فقال في مواهب الجليل لشرح مختصر خليل: وقال ابن العربي في عارضته قال مالك: حشرات الأرض مكروهة. وقال أبو حنيفة والشافعي: محرمة.وليس لعلمائنا فيها متعلق ولا للتوقف عن تحريمها معنى ولا في ذلك شأن ولا لأحد عن القطع بتحريمها عذر. انتهى.
وأما حكم البيع: فهو تابع لحكم الانتفاع المباح، ففي الموسوعة الفقهية الكويتية: اتفق الفقهاء على عدم جواز بيع الحشرات التي لا نفع فيها، إذ يشترط في المبيع أن يكون منتفعا به، فلا يجوز بيع الفئران، والحيات والعقارب، والخنافس، والنمل ونحوها، إذ لا نفع فيها يقابل بالمال، أما إذا وجد من الحشرات ما فيه منفعة، فإنه يجوز بيعه ـ كدود القز ـ حيث يخرج منه الحرير الذي هو أفخر الملابس، وقد وضع الحصكفي من الحنفية ضابطا لبيع الحشرات، فقال: إن جواز البيع يدور مع حل الانتفاع. انتهى.
والله أعلم.