السؤال
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع الجميل وعلى المجهود الكبير المبذول فيه، وسؤالي هو: توفي زوجي ـ رحمة الله عليه ـ يوم 4ـ 10/2010 وكان فيما يشبه الغيبوبة لمدة أسبوع، وخلال ذلك الأسبوع وقبل الوفاة بحوالي 5 أيام قمت بالتصدق من ماله تنفيذا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: داووا مرضاكم بالصدقة ـ فهل تعتبر هذه الصدقة من الأعمال الصالحة التي تختم بها أعماله وتعتبر من حسن الخاتمة، علما بأنه كان من مؤدي أغلب الصلوات في المسجد وتاليا لكتاب الله يوميا وكان دائما يقول لي إن بينه وبين القرآن علاقة محبة قوية وكان بارا جدا بأمه، حيث حرم نفسه من الاستقرار في منزل زوجية مستقل حتى لا يترك أمه المسنة رغم كثرة إخوته إلا أنها لا تستريح إلا معه هو وكان قد أجرى العملية التى توفي على إثرها بعد العيد مباشرة وكان صائما لرمضان رغم شدة مرضه وكان يؤدي صلاة التراويح والتهجد على الكرسي بالمسجد رغم وهنه وشدة ألمه حيث إنه كان مريضا بسرطان بنكرياس وأدى صدقته، هذا بالإضافة إلى أنه كان يربي ابنتي من زوج آخر حيث إننا تزوجنا قبل الوفاة بحوالي أربعة أشهر وكان ينوي تربيتها تربية حسنة، وكان يحمل وجها جميلا متواضعا محبا للجميع، والجميع محبا له ويوم وفاته كانت صدمة لكل من يعرفه وكان الناس يتحدثون عنه يوم جنازته قصصا جميلة في أخلاقه ودماثة خلقه عرضت صفاته والله بإمانة ولا أزكيه على الله، ولكنني أحسبه على خير، فهل تعتبر هذه الأشياء من علامات حسن الخاتمة، وآسفة على التطويل.
وجزاكم الله خيرا لما تقدمونه.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما ذكرت عن هذا الرجل من الأعمال وشهادة الناس له بالخير مؤشر خير، ومبشر له بالخير، ودليل على حسن الخاتمة ـ إن شاء الله ـ ففي الصحيحين عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وجبت، ومروا بأخرى فأثنوا عليها شرا فقال: وجبت، فقال عمر ـ رضي الله عنه ـ ما وجبت؟ قال: هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض.
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله، قالوا: وكيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعمل صالح قبل موته. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح ـ ورواه الحاكم وقال: صحيح على شرطهما ـ وصححه الألباني.
وفي مصنف عبد الرزاق عن جعفر بن سليمان قال: حدثني محمد بن جحادة عن طلحة اليامي قال: سمعته يقول: كنا نتحدث أنه من ختم له بإحدى ثلاث: إما قال وجبت له الجنة، وإما قال برئ من النار: من صام شهر رمضان فإذا انقضى الشهر مات، ومن خرج حاجا فإذا قدم من حجته مات، ومن خرج معتمرا فإذا قدم من عمرته مات.
ثم إن صدقة الزوجة من مال الزوج من غير إفساد مشروعة وينال الزوج أجرها، لما في الصحييحن عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أنفقت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة كان لها أجرها، وله مثله بما اكتسب، ولها بما أنفقت، وللخازن مثل ذلك من غير أن ينتقص من أجورهم شيئا.
وفي الصحيحين عن أسماء: أنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ليس لي إلا ما أدخل علي الزبير، فهل علي جناح أن أرضخ ما يدخل لي، فقال: ارضخي ولا توعي فيوعى عليك.
وقال المنذري: فجاز لها - الزوجة - أن تتصدق بما لا يكون إسرافا لكن بمقدار العادة وما تعلم أنه لا يؤلم زوجها.
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تصم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته وهو شاهد إلا بإذنه، وما أنفقت من كسبه من غير أمره فإن نصف أجره له.
قال النووي رحمه الله: وأما قوله صلى الله عليه وسلم: وما أنفقت من كسبه من غير أمره فإن نصف أجره له ـ فمعناه: من غير أمره الصريح في ذلك القدر المعين، ويكون معها إذن عام سابق متناول لهذا القدر وغيره، وذلك الإذن الذي قد أولناه سابقا إما بالصريح، وإما بالعرف، ولا بد من هذا التأويل، لأنه صلى الله عليه وسلم جعل الأجر مناصفة، وفي رواية أبي داود: فلها نصف أجره ـ ومعلوم أنها إذا أنفقت من غير إذن صريح ولا معروف من العرف فلا أجر لها، بل عليها وزر، فتعين تأويله، واعلم أن هذا كله مفروض في قدر يسير يعلم رضا المالك به في العادة، فإن زاد على المتعارف لم يجز، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة ـ فأشار صلى الله عليه وسلم إلى أنه قدر يعلم رضا الزوج به في العادة، ونبه بالطعام أيضا على ذلك، لأنه يسمح به في العادة بخلاف الدراهم والدنانير في حق أكثر الناس، وفي كثير من الأحوال، واعلم أن المراد بنفقة المرأة والعبد والخازن النفقة على عيال صاحب المال وغلمانه ومصالحه وقاصديه من ضيف وابن سبيل ونحوهما، وكذلك صدقتهم المأذون فيها بالصريح أو العرف. والله أعلم. انتهى كلام النووي.
والله أعلم.