السؤال
أجرت محلي لشركة تأمين غير إسلامية لمدة 7 سنوات، وذلك بعد أن أفتي لي في بلدي بأن ذلك جائز، والآن وقد تبين عكس ذلك فكرت في الطلب من هاته الشركة ترك محلي إلا أنها يمكن أن ترغمني على دفع غرامة مالية قدرها 60 ألف دينار - حسب القانون المحكوم به عندنا - مقابل مغادرتها للمحل وهو شيء أعجز عنه . فماذا أفعل؟ أنا في حيرة من أمري.
وجزاكم الله عنا كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان السائل قد عمل بفتوى من أفتاه بالجواز لا تشهيا ولا تتبعا للرخص، وإنما لظنه إصابة هذه الفتوى وموافقتها لمراد الشرع، فهو معذور على أية حال أصاب المفتي أو أخطأ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه. رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد، وحسنه الألباني، وراجع في ذلك الفتوى: 146395. والصواب أن التأمين التجاري بأنواعه محرم شرعا، وراجع في ذلك الفتويين: 7394، 2593. وبالتالي لا يجوز إجارة العقارات لإقامة شركاته، وهذه الأجرة إن علم المؤجر بحرمة نشاطها قبل عقد الإجارة لا تحل له، وراجع في تفصيل ذلك الفتويين: 49415، 49415.
وأما مع عدم العلم بحرمته شرعا، فلا حرج إن شاء الله على المؤجر في الانتفاع بالأجرة حتى تنتهي مدة العقد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: من كسب مالا حراما برضاء الدافع ثم تاب، كثمن خمر ومهر البغي وحلوان الكاهن، فالذي يتلخص.. أن القابض إذا لم يعلم التحريم ثم علم جاز له أكله. وإن علم التحريم أولا ثم تاب فإنه يتصدق به. كما نص عليه أحمد في حامل الخمر. وللفقير أكله، ولولي الأمر أن يعطيه أعوانه. وإن كان فقيرا أخذ هو كفايته له. اهـ.
وإذا كان السائل عاجزا عن فسخ العقد مع هذه الشركة، فالواجب عليه هو الاحتساب عليهم؛ أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر بحسب قدرته. وأن لا يجدد لهم عقد الإيجار إذا انتهت مدته. وراجع الفتوى: 39135.
وأما إذا كان العقد مؤبدا، كما هو معمول به في بعض البلاد، فهو عقد باطل شرعا، كما سبق أن بيناه في عشرات الفتاوى، وراجع على سبيل المثال الفتاوى: 116630، 129087، 119445. وإذا كان كذلك كانت هذه الشركة في حكم الغاصب لمحل السائل، فيستحق عليها المؤجر أجرة المثل في مدة الغصب كلها.
وكذلك من باب تنزل هذه الإجارة منزلة الإجارة الفاسدة، فإن الإجارة إذا فسدت واستوفيت المنفعة لزم أجرة المثل، قال ابن قدامة في المغني: إن استوفى المنفعة في العقد الفاسد، فعليه أجر المثل اهـ.
وراجع الفتويين: 48561، 110496.
والله أعلم.