السؤال
هناك العديد من الروايات في السيرة النبوية ضعيفة مثل قصة الحمامة والعنكبوت على باب الغار في الهجرة النبوية. فهل يستأنس بهذه القصص ؟؟
هناك العديد من الروايات في السيرة النبوية ضعيفة مثل قصة الحمامة والعنكبوت على باب الغار في الهجرة النبوية. فهل يستأنس بهذه القصص ؟؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فقصة نسج العنكبوت على الغار مروية من طرق، وقد ضعفها بعض المحدثين وحسنها بعضهم، وممن ضعفها الألباني رحمه الله، وممن حسنها الحافظان ابن كثير وابن حجر رحمهما الله. قال الحافظ في الفتح: وذكر أحمد من حديث ابن عباس بإسناد حسن في قوله تعالى: وإذ يمكر بك الذين كفروا الآية. قال تشاورت قريش ليلة بمكة فقال بعضهم إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق يريدون النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم بل اقتلوه، وقال بعضهم بل أخرجوه. فأطلع الله نبيه على ذلك فبات علي على فراش النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة وخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغار وبات المشركون يحرسون عليا يحسبونه النبي صلى الله عليه وسلم يعني ينتظرونه حتى يقوم فيفعلون به ما اتفقوا عليه فلما أصبحوا ورأوا عليا رد الله مكرهم فقالوا أين صاحبك هذا؟ قال: لا أدري فاقتصوا أثره. فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم فصعدوا الجبل فمروا بالغار فرأوا على بابه نسج العنكبوت فقالوا لو دخل ها هنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه. فمكث فيه ثلاث ليال وذكر نحو ذلك موسى بن عقبة عن الزهري قال مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الحج بقية ذي الحجة والمحرم وصفر، ثم إن مشركي قريش اجتمعوا فذكر الحديث وفيه وبات علي على فراش النبي صلى الله عليه وسلم يوري عنه وباتت قريش يختلفون ويأتمرون أيهم يهجم على صاحب الفراش فيوثقه. فلما أصبحوا إذا هم بعلي وقال في آخره فخرجوا في كل وجه يطلبونه وفي مسند أبي بكر الصديق لأبي بكر بن علي المروزي شيخ النسائي من مرسل الحسن في قصة نسج العنكبوت نحوه. وذكر الواقدي أن قريشا بعثوا في أثرهما قائفين أحدهما كرز بن علقمة فرأى كرز بن علقمة على الغار نسج العنكبوت فقال ها هنا انقطع الأثر. انتهى كلام الحافظ رحمه الله. وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله عقب إيراد الحديث في قصة نسج العنكبوت من مسند أحمد وتقدم ذكره في كلام ابن حجر ما عبارته: وهذا إسناد حسن، وهو من أجود ما روي في قصة نسج العنكبوت على فم الغار، وذلك من حماية الله رسوله صلى الله عليه وسلم.. انتهى. وأما خبر بيض الحمامتين فلم نر من نص على ثبوته من العلماء، وإذا كان بعض أكابر العلماء قد حسن قصة نسج العنكبوت كما عرفت فلا نرى حرجا في روايتها والتحديث بها، ثم إن عادة أهل العلم جرت بالتسهيل في باب المغازي والفضائل ونحوها ما لا يسهلون في باب الأحكام، وكلامهم في هذا كثير جدا، ومن ذلك ما قال الإمام أحمد في ابن إسحاق: يكتب عنه المغازي وشبهها . وقال ابن معين في زياد البكائي : لا بأس في المغازي ، وأما في غيرها فلا. وقد نقل في الكفاية عن الإمام أحمد قوله: إذا روينا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحلال والحرام والسنن والأحكام تشددنا في الأسانيد، وإذا روينا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في فضائل الأعمال، وما لا يضع حكما أو يرفعه تساهلنا
والله أعلم.