موقف الابن ممن سب أباه وضربه

0 322

السؤال

ماذا تعمل إذا سب شخص أباك أو تعرض له بالضرب هل يجوز قتله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن من سب أباك يشرع لك أن ترد عليه بما فيه نصر لوالدك المظلوم بنفي ماسبه به والثناء عليه بما تعلم من محاسنه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالما أو مظلوما، قيل: يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما، فكيف أنصره إذا كان ظالما؟ قال: تحجره عن الظلم، فإن ذلك نصره. رواه البخاري.

وفي الحديث: ما من امرئ يخذل امرأ مسلما عند موطن تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله عز وجل في موطن يحب فيه نصرته. رواه أحمد وحسنه الألباني.

قال صاحب عون المعبود: والمعنى ليس أحد يترك نصرة مسلم مع وجود القدرة عليه بالقول أو الفعل عند حضور غيبته أو إهانته أو ضربه أو قتله إلا خذله الله. انتهى.

ولا يبعد أنه يجوز لك الرد عليه بالسب، لأن سب الوالد واغتيابه فيه سب للولد، لأنه بضعة منه، وفي انتهاك عرض الأب انتهاك لعرض ولده. فقد قال الحافظ في الفتح في حد الغيبة: قال النووي في الأذكار تبعا للغزالي: ذكر المرء بما يكرهه سواء كان ذلك في بدن الشخص أو دينه أو دنياه أو نفسه أو خلقه أو خلقه  أو ماله أو والده أو ولده أو زوجه أو خادمه أو ثوبه أو حركته أو وطلاقته أو عبوسته أو غير ذلك مما يتعلق به سواء ذكرته باللفظ أو بالإشارة والرمز... انتهى.

واعلم أنه يمنع تعرضك لوالده كما قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى:

من سب أبا رجل فليس له أن يسب أباه، سواء كان هاشميا أو غير هاشمي ؛ فإن أبا الساب لم يظلمه ؛ وإنما ظلمه الساب { ولا تزر وازرة وزر أخرى } . ولكن إن سب مسلم أبا مسلم فإنه يعزر على ذلك . اهــ

وأما إن اعتدى عليه بالضرب فيشرع لك دفعه بما يردعه، وأما تعمد قتله فلا يجوز في الأصل؛ لأن قتل النفس من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب، قال الله تعالى: ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزآؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما {النساء:93}، وقال تعالى: والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما* يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا* إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما {الفرقان:68-69-70}،

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما. رواه البخاري.

ولو أنك دفعته بالأخف فالأخف غير قاصد لقتله ثم مات مع عدم إمكان تجنب قتله بهرب ونحوه فلا شيء عليك لأنه من دفع الصائل.

قال الشربيني في مغني المحتاج: (له) أي المصول عليه (دفع كل صائل) مسلما كان أو كافرا، عاقلا أو مجنونا، بالغا أو صغيرا، قريبا أو أجنبيا، آدميا أو غيره (على ) معصوم من (نفس أو طرف) أو منفعة (أو بضع أو مال) لخبر {من قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد} رواه أبو داود والترمذي وصححه. وجه الدلالة أنه لما جعله شهيدا دل على أنه له القتل والقتال، كما أن من قتله أهل الحرب لما كان شهيدا كان له القتل والقتال. انتهى.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: السنة والإجماع متفقان على أن الصائل المسلم إذا لم يندفع صوله إلا بالقتل قتل وإن كان المال الذي يأخذه قيراطا من دينار؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون حرمه فهو شهيد.

وقال ابن العربي: لا يقصد المصول عليه القتل إنما ينبغي أن يقصد الدفع، فإن أدى إلى القتل فذلك إلا أن يعلم أنه لا يندفع إلا بالقتل فجائز قصد قتله ابتداء.

و قال ابن المقرئ في روض الطالب: يجوز دفع كل صائل من آدمي وبهيمة عن كل معصوم من نفس وطرف وبضع ومقدماته ومال وإن قل، وله دفع مسلم عن ذمي ووالد عن ولد وسيد عن عبده ومالك عن إتلاف ملكه، ويجب الدفع للصائل بالأخف إن أمكن كالزجر ثم الاستغاثة، ثم الضرب باليد ثم بالسوط، ثم بالعصا، ثم بقطع عضو، ثم بالقتل.. ومتى أمكنه الهرب أو التخلص لزمه.. انتهى المراد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات